الأربعاء، 7 أغسطس 2019

قطوف من فنون الأدب (النص النثري) ..... إعداد وتقديم الأديب الراقي جوزيف شماس

أصدقائي الأعزاء الأفاضل أميرات وأمراء مجلة مملكة شهرزاد الأدبية المجلة المميزة التي نعزَّها ونفتخر بها وبالقائمين على إدارتها وإخراجها. أقدم لحضرتكم وجهة نظري عن النص النثري فآمل أن ينال إعجابكم ومعرفة وجهات نظركم للاستفادة منها ولتبادل وجهات النظر لتطوير صرحنا الأدبي. مع تحياتي للجميع
          النص النثري
إن النص النثري هو عبارة عن إحساس مفاجئ بفكرة ما. أو تفاعل بمشهد بشكل مباشر أو بموقف حركي مؤثر مما يدفع لتدفق شعور منهمر تعبيراً عن الحالة. ولتجسيد الحالة بنص نثري أو بقصيدة نثرية ؛ يجب أن تكتب بسياق حركي ودرامي منسجم وأن يكون هناك خيط يجمع مجموعة المؤثرات المعبرة والصور بشكل ذكي ومنطقي لتكون مترابطة في اكتمال الحالة الشاعرية. مع الأخذ بعين الاعتبار على تجسيد كل صورة بشكل واضح وإعطاءها حقها في اكتمالها حسياً وشعورياً. وهذا لا يمنع غموض بعض الشيء إن أحببت ولكن ليس على حساب تفكك جسد النص الأدبي مما يفقد مصداقية المشاعر وقوة الإحساس
أي يجب أن يكون هناك ترابط بين المكونات الخيالية والانتقال السلس من صورة لأخرى دون القفز العشوائي. مع التنويه بعدم المبالغة في التقصير وتكثيف الجمل بهدف الغموض المتعمد دون جدوى. لذا علينا أن نتبع بعض الإرشادات الهامة من وجهة نظري:
· الابتعاد عن الجمل الاسمية المتتالية التي تقتل الترابط الفعلي في النص وتحوله إلى شبه تقرير تصويري.
· الابتعاد عن الجمل الفعلية المتتالية لأنها تسبب لنوع من السرد الجاف والقاتل.
· يجب العمل على تنويع الجمل بين أسمية وفعلية وشبه جملة مع إدخال الحوار الذاتي والاستفهام والرد والتعجب بما يخدم روح النص. من خلال التواصل في الوصف عبر تنوع أشكال الجمل لخلق نوع من الحياة الحقيقية الجميلة داخل النص الأدبي.
· ربط الصور مع بعضها البعض ضمن سياق درامي مركب وموحد وذلك بالاعتماد على تخيل المشهد بشكل واضح وكامل دون نقصان. المهم أن تكون حالة معينة تجمع الجمل على الأقل في المقطع الواحد.
· من المفيد قدر الإمكان مراعاة النغمة الموسيقية للعبارات المتتالية مع مراعاة تقطيع النص لأقسام متجانسة الصور مع الحفاظ على روح النص الإجمالي والفكرة المرجوة منه لتبيانها..

جوزيف شماس

                        حفيف أوراق حلم

على الرغم أنَّ النوم داهمه وملأ جفنيه. إلا أن الحلم أبى أن يرحل دون أن يفرش جسده على كامل بساط ذاكرته. فتسربت إلى خفايا روحه الحيرة والتيه. فتحسس قريته النائمة فيه كحلم دائم كما رسمها يوما في خياله بكلمات خجولة. فأضاء السراج وبدأ يرمرم:
قريتي قد فرشت جمالها الساحر على تراب أحمر خجول، وغيومها البيض تعانق في كل صباح قمم جبالها الشامخة، ويزحف إلى أحضان مروجها جداول ينابيع الماء المتدفقة، ويلعب على ترابها أطفال القرية مع طيور الحب والحمائم، وعلى مداد الأفق تتعانق مساحاتها الخضراء بزرقة السماء، وفي هجعات لياليها تنعقد مجالس الحكماء ويبدع الشعراء ويسرق النسيم همسات العشاق وينثرها على أسطح الدور لتتلقفها النسوة وتحيك منها حكايات لتروى في ليال السمر.
فهبَّ واقفاً ولملم خيبة الأمل وغادر المكان ليصل إلى الصخرة المرمية على قمة هضبة منذ يوم الخلق. هضبة مطلَّة على جباه سهول القرية الجبلية ووديانها وأجساد بساتينها الخضر.
وما إن داهمه الانكسار وتغلغل إلى ذاته حتى ودَّع الصخرة بعد أن أمنها أحلامه وسار بانحدار نحو الوادي السحيق هادياً وراء ظلِّه المتعرج دون هداية لعلَّه يصل لذاك النبع الساكن في قعر الوادي. على أمل أن يغمر جسده في جوفه ليغتسل من خطاياه ويغفو ما طاب له من الزمن لأن الوقت لم يعد لديه قيمة في الذات.
وما إن رمى بجسده المنهك على حواف النبع. حتى قررت روحه المتعبة من هموم الحياة وانكساراتها مغادرة جسده إلى حيث يهواها القدر. لأنَّ الرحيل خير لها من السكن في جسد فقَد ملامح إنسانيته في زمن العهر القاهر وذابت فيه قيمة الإنسان وتبخرت القيم والأخلاق.حينها اختفت أماله في غور ذاكرته وغاب حفيف أوراق الحلم مع صاحبه الذي تكوَّم على تراب قريته البتول والتحف يأسه الذي لم يكن ينضب أبدا وغفا إلى الأبد.
جوزيف شماس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...