أحمد بو قرّاعة : تونس
"في البال أغنية"
*************
غنّنا ما شئتَ إنَّا أمّةٌ تَهوى الغناء
غنّنا ما شئتَ إنّا في احتفالٍ بالعَناء
ما أضاعتْهُ الأيادِي واسْتَباحتْهُ الأعادي
حرَّرتْهُ في الغناء
غنّنا أيَّ غناء مُفْرِحًا أو في البكاء
ما عليك في النّشيدِ إنْ بكيْنَا من جديدِ
فَرْحةُ المحزونِ يَلْقى مَا يُحبُّ في البكاء
أعْطِنَا الأشعار بُشْرى أو وعِيدًا بالشَّقاء
غنِّنَا سيَّانَ مُتْنا أو نَطِيرُ في الهواء
قدْ تَساوى ذا بذَا
غنّنا ، وانسَ عتابًا كان نصحًا أو وعيدا
كمْ نصُوحَا قدْ رأينَا قد جفا الفِعْل الأمِينَا
عَابَ عَنَّا في الغناء أنَّ يوما كان عيدَا
فتضاحكنا و قُلْنَا ربَّمَا هلَّ وُعُودا
أقْسَمَ أنَّ الجحيمَ منزِلٌ للضَّاحكينَا
يَمنعُ عنَّا الغناء وهو ظِلُّ العابِثينا
هَل من الأعيادِ أنّا نَسْتَفيقُ مُدْمعينَا
قد سألناهُ كتابًا يَهْدِنَا الدَّرْبَ الصَّوَابَا
قال إن شِئْتُمْ اَمَانَا" فالكتابَ"مُصْبِحينَا
ومَتَى ضاءتْ نُجُومٌ نَهَوَنْدَا و الرَّبَابا
هكذَا النصَّاحُ دَوْمًا في الرِّيَاءِ سَاكِنينَا
فاشْرَحْ الصَّدْرَ بِنَغْمٍ نَحْنُ نِعْمَ الصَّالحِينَا
واتْرُكْ النصّاحَ لَسْنَا مُذْنِبِينَا
غنّنا "زهرَ المراعي فيهِ منء خدِّ حبيبي
فابْتَهِجْ يا زهْرُ فيكَ منْ حُسْنٍ و طِيبِ "
غَنِّهِ لَحْنًا مزيجًا منْ جديدٍ و عَتِيقِ
واحْنُ بالصّوت عليْنَا بالرَّفيقِ و الرَّقِيقِ
ثُمَّ غنِّ "يا حبيبا قدْ ألفْنَاكَ مُجِيبَا
فاغْتَنِمْ أُنْسًا يَجِيء منْ بَعِيدٍ و قريبِ
نَحْنُ أبْنَاءُ الحياةِ نَشْرَبُ منْ كُلِّ طيبِ
واتْرُكْ النصَّاحَ لسْنَا مخطئِينَا
يا خَلِيَّ القلبِ مهلا و تَرفَّقْ في العتابْ
لوْ عَرَفْتَ الحُبَّ مثلي مَا قَسَوْتَ في الخطابْ
أَشْتَرِي الحبَّ بِدَمْعٍ أَشْتَريهِ بالعذابْ
لوْ علِمْتَ أنَّ قَلْبًا فِيهِ مِنْ صَفْوٍ مُذَابْ
لآشْتَرَيْتُ الحبَّ مِنْكَ أو سَعَيْتُ لاقْتِرَابْ
لكنْ القلْبُ الخَلِيُّ حَاسِدٌ بَيْتُ ارْتِيَابْ
فَامْلَأْ الكَاسَ و جِئْنَا سَوْفَ تَدْرِي ما الشَّرَابْ
كَأْسُ ملْآ بالأَحاسيسِ العِذَابْ
يا فؤادي لا تبالي بالذي لاما و عابا
فاعذرْ القلبَ الخلِيَّ ربّما حَبَّ وخابَا
وارحمْ القلبَ الشّقيّ ربّما عادَ وتابَا
أو لعلَّ للخَلِيِّ يَقْسمُ الله مَنَابا
يا فؤادي لا تبالي بالجريح في العتابِ
كلّ عشّاق الحياة نالهمْ وعدُ العقابِ
يفْرحُونَ بالهوى فَرْحَ الأثيمِ بالمتابِ
لا تَضِقْ صدْرًا و رفْقًا بالصُّخُورِ في الرَّوابي
لَمْ يَلُمْكَ يا فؤادي غَيْرُ مَذْمُومِ الجَنَابِ
كَسَمَاءٍ لَمْ تُثَقَّلْ برُعُودٍ و سَحَابِ
سَامِعًا مِنْكَ مجيبَا
يا فؤادي لا تسل عنّي وعنك الأشقياء
هل درى الصّخر بماء أو بزهر قد حذا ؟
تنبت الأعشاب في كلّ الحقول هكذا
لكن النسرين حتمًا فاق غَرْسًا والشذى
يُخْلَقُ النّاسُ صَفَاءً في قلوب الأبرياء
مُنْصِتِينَ للوفاء مُبْعَدِينَ عنْ أذى
فاسْتَلَذُّوا اللّهوَ خَمْرًا يَشْرَبُونَ مِنْ قَذَى
وَ شَرِبْنَا الحُبَّ صِرْفًا نحنُ مِنْهُ الأغنياء
يا خصيم القلبِ قُل لي ما تريدُ ما تَوَدّْ ؟
تَبْغِنِي صَخْرًا قَسِيًّا أمْ عَتِيًّا يَسْتَبِدّ ؟
أمْ نَسِيًّا أنَّ روحًا لَيْسَ إلَّا ريحَ ودّ ؟
تَسْأَلُ الدّنْيَا متاعًا هَلْ بنارٍ تَبْتَردْ
كُلُّهَا أثْوَابُ تَبْلَى زِينَةٌ لا تُسْتَرد
لَيْسَ تَسْطِيعُ بِعَيْنٍ أنْ تَرَى ما ىيتَّقِد
في خَيَالٍ يَقْتَفِي وَجْهَ حَبِيبٍ مُبْتَعِد
فازْرَعْ الوردَ وحاذِ أيَّ رِيحٍ قَدْ تَجِدْ ؟
قَدْ عَصَيْتُ في الهَوَى أهْلَ العُقُولِ للأبَد
كُلُّ مَنْ لَيْسَ بِقَلْبٍ فِي المَعَاصِي يَتَّئِد
نَحْنُ لولا المُرْسَلونَ خِلْتُ أنَّا الأنبِياء
مثْلَ نورِ البَرْقِ يَجْنِي منْ سمَاء
لو شربتَ منْ هوانَا و تتبَّعْتَ خطَانَا
لرَأَيتَ مَا أرَانَا الحبُّ خُلْدًا و أَمَانَا
و كَفَاكَ مَا كَفَانَا صِرْتَ قِدّيسًا إمَامَا
تُؤْنِسُ القَلْبَ المُضَامَا
كَمْ عَلَى النُّورِ اسْتَفَقْتَ مِنْ صَبَاح
أوْ عَلَى اللَّيْلِ يَضُمُّ الكَوْنَ تحت الجناح
أيُّ أَيْدٍ عَدَّلَتْهُ فاسْتَقَامَا
منْ تُرَى ذَاكَ أقَامَا ؟
لوْ نظَرْتَ تحت رِجْلَيْكَ رَأَيْتَ
أَعْيُنًا تَرْنُو إليْكَ لَوْ أَقَامُوا مَا أَتَيْتَ
تَسْحبُ الدُّنْيَا خُطَاكَ ثمَّ تُلْقِيكَ الظَّلامَا
منْ تُرَى يُحْيِي العظَامَا؟
أيُّها السَّاهي عَلِقْتَ بالحياةِ بالوجُودْ
هَلْ رَأَيْتَ للوجودِ صاحبًا مُنَّ بِعيدْ
واهِمًا تَمْشِي كظِلٍّ غَرّهُ الصّحْوُ الشَّدِيد
غَافِلًا ما كُنْتَ تَدْرِي أَيّ غَيْمٍ قَدْ يُبِيدْ
تَضْحَكُ مِنْكَ الظّلالُ والغيومُ والرّعود
هَلْ تَرَى لليْلِ ظِلًّا ؟ ذَاكَ وَجْهٌ للوُجُودْ
أَنْتَ مِثْلَ الظّلِ تَمْشِي ليْسَ للظِّل خُلُود
هَلْ رَأَيْتَ مَنْ مَشَى قَبْلُ يَؤُوبُ اَوْ يَعُود
سَوْفَ تَمْضِي ثُمَّ تُنْسَى مُهْمَلًا تَحْتَ اللُّحُود
ذا الجَزَاءُ لَمْ تَكُنْ قَلْبًا مَلِيئًا بالوُرُود
لَمْ تَكُنْ قلْبًا غَنِيًّا بالأغَانِي و النَّشِيد
سَوْفَ تَمضِي و تَزُولْ
لَسْتَ إِلَّا صَاعِدًا نَحْوَ النُّزُولْ
يا خليلي ما خلقنَا للخلود و البقاء
خلدُنا أنَّا بقلبٍ قدْ رأينَا الأنبياء
فمشيْنَا إثْرَ خطْوٍ وتَلَحّفنَا الرِّداء
و سكَنّا الليلَ ندْعُو للعقول الفقراء
كمْ فقيرًا كان بالقلبِ غَنِيَّ الأغنياء
و خَلِيًّا منْ فؤادٍ كان أشْقى الأشقِياء
فارتحلْ بالقلْبِ تَلْقَ في النَّعيمِ ما تشاء
ثَمّةَ أنهارُ تجْري خَلْفَ أقْبَاب السّماء
لا تُدانِيهَا ثُغُورُ غير مَنْ ذاقَ العناء
نحنُ ذاكَ القلبُ حِلْمًا ، نحنُ تحْتَ الأنبِياء
والدُّنى لوْلا كَرَاهٌ ، لاعْتَلَيْنَا الأُمَراء
فاحْرُسْ القلبَ بِوَحي ومسير الأصفِياء
إنَّمَا الدّنْيا ضَبَابٌ ليْسَ فيهِ قَطْرُ ماء
إنَّمَا الدّنْيَا وَبَاء
قدْ خُلقْنَا يا خليلي مُنْصِتينَ للسّماء
فاتحِينَ القلْبَ طَوعًا مُؤْمِنِينَ بالقضاء
لَلْقُلوب حُجَّةُ العقلِ و اَوْعَى للرَّجاء
يَعْرِفُ القلْبُ السَّلِيمُ قَدْ خُلِقْنَا ضُعَفاء
غَيْرَ أَنّا يا خليلِي نحنُ للنُّورِ ضياء
مَا سِوَانَا يَسْمَعُ الإِصْبَاحَ شَاكٍ للمَساء
اَيُّهَا الغَيْمُ الثَّقِيلُ هَلْ تَدَعْنِي فِي سَنَاء
قَالَ ذَاكَ الغَيْمُ مَهْلًا نَحْنُ فِي الشَكْوَى سَواء
قَدْ شَكَا الليْلُ إِلَيَّ بَعْثَكَ فِيهِ الضياء
هَلْ رَأَيْتَ ايَّ شَيْءٍ لَيْسَ يَأْتِيهِ الفَنَاء
قَدْ عَرَفْنَا مَنْ يُجِيء بالظّلام والصباح و المساء
هَلْ عَرَفْتَ مَنْ لَهُ الخُلْدُ بَقَاء ؟
يَا إلاهِي غَرَّنِي ثَوْبُ الحياةِ فاشْتَرَيْتُ و لَبِسْتُ و مَشَيْتُ
قدْ لَبِسْتُ العَيْشَ ثَوْبًا و دُرُوبًا فِي النَّواهِي قدْ قَطَعْتُ
كُلُّ دَرْبٍ يَفْتَحُ أبْوَابَ أُخْرَى .أيّ بَابٍ مَا طَرَقْتُ ؟
كُلّهَا رَبِّي فَتَحْتُ
عِشْتُ في الدّنيا كَأنّي لَمْ أَرَ قَطُّ وَلِيدًا لَا يَمُوتْ
كَالشقِيِّ لَمْ يَرَ يَوْمًا نُفُوسًا قَدْ خَلَتْ مِنْهَا البُيُوتْ
عِشْتُ فِيهَا كالذي مَا نامَ ليْلًا لِيَرَى اليومَ يَفُوتْ
قدْ مَشَيْتُ نَاسِيًا أنِّي خُلِقْتُ كَيْ أَمُوتْ
يَا إلاهِي مَنْ لِمَنْ بالذنْبِ رَبِّي قدْ أَنَابَ و أقَرّ
هَلْ لَنَا رَبٌّ سِوَاكَ مُسْتَلاذٌ فَنَلُوذُ و نَفِرّ
نَحْتَمِي اللّهم َ مِنْكَ أنَّكَ المَرْجُوُّ عَفْوًا مُقْتدِر
مَا كَرِهْتُ أَنَّنِي أَلْقَاكَ يوْمًا فِيهِ نَارٌ تَسْتَعِر
إِنَّنِي لُقْيَاكَ أَهْوَى رَغْمَ أَنَّ فِي كِتَابِي لِصَقَر
ذَاكَ أَنِّي مُوقِنٌ حَقَّ اليَقِينِ أَنَّكَ تَوّابُ بَرّ
فاعْفُ عَنِّي أَنْتَ خَيْرُ مَنْ غَفَر
واعْفُ عَمَّنْ كَانَ مِثْلِي حَامِلًا مَا قدْ وَزَر
"في البال أغنية"
*************
غنّنا ما شئتَ إنَّا أمّةٌ تَهوى الغناء
غنّنا ما شئتَ إنّا في احتفالٍ بالعَناء
ما أضاعتْهُ الأيادِي واسْتَباحتْهُ الأعادي
حرَّرتْهُ في الغناء
غنّنا أيَّ غناء مُفْرِحًا أو في البكاء
ما عليك في النّشيدِ إنْ بكيْنَا من جديدِ
فَرْحةُ المحزونِ يَلْقى مَا يُحبُّ في البكاء
أعْطِنَا الأشعار بُشْرى أو وعِيدًا بالشَّقاء
غنِّنَا سيَّانَ مُتْنا أو نَطِيرُ في الهواء
قدْ تَساوى ذا بذَا
غنّنا ، وانسَ عتابًا كان نصحًا أو وعيدا
كمْ نصُوحَا قدْ رأينَا قد جفا الفِعْل الأمِينَا
عَابَ عَنَّا في الغناء أنَّ يوما كان عيدَا
فتضاحكنا و قُلْنَا ربَّمَا هلَّ وُعُودا
أقْسَمَ أنَّ الجحيمَ منزِلٌ للضَّاحكينَا
يَمنعُ عنَّا الغناء وهو ظِلُّ العابِثينا
هَل من الأعيادِ أنّا نَسْتَفيقُ مُدْمعينَا
قد سألناهُ كتابًا يَهْدِنَا الدَّرْبَ الصَّوَابَا
قال إن شِئْتُمْ اَمَانَا" فالكتابَ"مُصْبِحينَا
ومَتَى ضاءتْ نُجُومٌ نَهَوَنْدَا و الرَّبَابا
هكذَا النصَّاحُ دَوْمًا في الرِّيَاءِ سَاكِنينَا
فاشْرَحْ الصَّدْرَ بِنَغْمٍ نَحْنُ نِعْمَ الصَّالحِينَا
واتْرُكْ النصّاحَ لَسْنَا مُذْنِبِينَا
غنّنا "زهرَ المراعي فيهِ منء خدِّ حبيبي
فابْتَهِجْ يا زهْرُ فيكَ منْ حُسْنٍ و طِيبِ "
غَنِّهِ لَحْنًا مزيجًا منْ جديدٍ و عَتِيقِ
واحْنُ بالصّوت عليْنَا بالرَّفيقِ و الرَّقِيقِ
ثُمَّ غنِّ "يا حبيبا قدْ ألفْنَاكَ مُجِيبَا
فاغْتَنِمْ أُنْسًا يَجِيء منْ بَعِيدٍ و قريبِ
نَحْنُ أبْنَاءُ الحياةِ نَشْرَبُ منْ كُلِّ طيبِ
واتْرُكْ النصَّاحَ لسْنَا مخطئِينَا
يا خَلِيَّ القلبِ مهلا و تَرفَّقْ في العتابْ
لوْ عَرَفْتَ الحُبَّ مثلي مَا قَسَوْتَ في الخطابْ
أَشْتَرِي الحبَّ بِدَمْعٍ أَشْتَريهِ بالعذابْ
لوْ علِمْتَ أنَّ قَلْبًا فِيهِ مِنْ صَفْوٍ مُذَابْ
لآشْتَرَيْتُ الحبَّ مِنْكَ أو سَعَيْتُ لاقْتِرَابْ
لكنْ القلْبُ الخَلِيُّ حَاسِدٌ بَيْتُ ارْتِيَابْ
فَامْلَأْ الكَاسَ و جِئْنَا سَوْفَ تَدْرِي ما الشَّرَابْ
كَأْسُ ملْآ بالأَحاسيسِ العِذَابْ
يا فؤادي لا تبالي بالذي لاما و عابا
فاعذرْ القلبَ الخلِيَّ ربّما حَبَّ وخابَا
وارحمْ القلبَ الشّقيّ ربّما عادَ وتابَا
أو لعلَّ للخَلِيِّ يَقْسمُ الله مَنَابا
يا فؤادي لا تبالي بالجريح في العتابِ
كلّ عشّاق الحياة نالهمْ وعدُ العقابِ
يفْرحُونَ بالهوى فَرْحَ الأثيمِ بالمتابِ
لا تَضِقْ صدْرًا و رفْقًا بالصُّخُورِ في الرَّوابي
لَمْ يَلُمْكَ يا فؤادي غَيْرُ مَذْمُومِ الجَنَابِ
كَسَمَاءٍ لَمْ تُثَقَّلْ برُعُودٍ و سَحَابِ
سَامِعًا مِنْكَ مجيبَا
يا فؤادي لا تسل عنّي وعنك الأشقياء
هل درى الصّخر بماء أو بزهر قد حذا ؟
تنبت الأعشاب في كلّ الحقول هكذا
لكن النسرين حتمًا فاق غَرْسًا والشذى
يُخْلَقُ النّاسُ صَفَاءً في قلوب الأبرياء
مُنْصِتِينَ للوفاء مُبْعَدِينَ عنْ أذى
فاسْتَلَذُّوا اللّهوَ خَمْرًا يَشْرَبُونَ مِنْ قَذَى
وَ شَرِبْنَا الحُبَّ صِرْفًا نحنُ مِنْهُ الأغنياء
يا خصيم القلبِ قُل لي ما تريدُ ما تَوَدّْ ؟
تَبْغِنِي صَخْرًا قَسِيًّا أمْ عَتِيًّا يَسْتَبِدّ ؟
أمْ نَسِيًّا أنَّ روحًا لَيْسَ إلَّا ريحَ ودّ ؟
تَسْأَلُ الدّنْيَا متاعًا هَلْ بنارٍ تَبْتَردْ
كُلُّهَا أثْوَابُ تَبْلَى زِينَةٌ لا تُسْتَرد
لَيْسَ تَسْطِيعُ بِعَيْنٍ أنْ تَرَى ما ىيتَّقِد
في خَيَالٍ يَقْتَفِي وَجْهَ حَبِيبٍ مُبْتَعِد
فازْرَعْ الوردَ وحاذِ أيَّ رِيحٍ قَدْ تَجِدْ ؟
قَدْ عَصَيْتُ في الهَوَى أهْلَ العُقُولِ للأبَد
كُلُّ مَنْ لَيْسَ بِقَلْبٍ فِي المَعَاصِي يَتَّئِد
نَحْنُ لولا المُرْسَلونَ خِلْتُ أنَّا الأنبِياء
مثْلَ نورِ البَرْقِ يَجْنِي منْ سمَاء
لو شربتَ منْ هوانَا و تتبَّعْتَ خطَانَا
لرَأَيتَ مَا أرَانَا الحبُّ خُلْدًا و أَمَانَا
و كَفَاكَ مَا كَفَانَا صِرْتَ قِدّيسًا إمَامَا
تُؤْنِسُ القَلْبَ المُضَامَا
كَمْ عَلَى النُّورِ اسْتَفَقْتَ مِنْ صَبَاح
أوْ عَلَى اللَّيْلِ يَضُمُّ الكَوْنَ تحت الجناح
أيُّ أَيْدٍ عَدَّلَتْهُ فاسْتَقَامَا
منْ تُرَى ذَاكَ أقَامَا ؟
لوْ نظَرْتَ تحت رِجْلَيْكَ رَأَيْتَ
أَعْيُنًا تَرْنُو إليْكَ لَوْ أَقَامُوا مَا أَتَيْتَ
تَسْحبُ الدُّنْيَا خُطَاكَ ثمَّ تُلْقِيكَ الظَّلامَا
منْ تُرَى يُحْيِي العظَامَا؟
أيُّها السَّاهي عَلِقْتَ بالحياةِ بالوجُودْ
هَلْ رَأَيْتَ للوجودِ صاحبًا مُنَّ بِعيدْ
واهِمًا تَمْشِي كظِلٍّ غَرّهُ الصّحْوُ الشَّدِيد
غَافِلًا ما كُنْتَ تَدْرِي أَيّ غَيْمٍ قَدْ يُبِيدْ
تَضْحَكُ مِنْكَ الظّلالُ والغيومُ والرّعود
هَلْ تَرَى لليْلِ ظِلًّا ؟ ذَاكَ وَجْهٌ للوُجُودْ
أَنْتَ مِثْلَ الظّلِ تَمْشِي ليْسَ للظِّل خُلُود
هَلْ رَأَيْتَ مَنْ مَشَى قَبْلُ يَؤُوبُ اَوْ يَعُود
سَوْفَ تَمْضِي ثُمَّ تُنْسَى مُهْمَلًا تَحْتَ اللُّحُود
ذا الجَزَاءُ لَمْ تَكُنْ قَلْبًا مَلِيئًا بالوُرُود
لَمْ تَكُنْ قلْبًا غَنِيًّا بالأغَانِي و النَّشِيد
سَوْفَ تَمضِي و تَزُولْ
لَسْتَ إِلَّا صَاعِدًا نَحْوَ النُّزُولْ
يا خليلي ما خلقنَا للخلود و البقاء
خلدُنا أنَّا بقلبٍ قدْ رأينَا الأنبياء
فمشيْنَا إثْرَ خطْوٍ وتَلَحّفنَا الرِّداء
و سكَنّا الليلَ ندْعُو للعقول الفقراء
كمْ فقيرًا كان بالقلبِ غَنِيَّ الأغنياء
و خَلِيًّا منْ فؤادٍ كان أشْقى الأشقِياء
فارتحلْ بالقلْبِ تَلْقَ في النَّعيمِ ما تشاء
ثَمّةَ أنهارُ تجْري خَلْفَ أقْبَاب السّماء
لا تُدانِيهَا ثُغُورُ غير مَنْ ذاقَ العناء
نحنُ ذاكَ القلبُ حِلْمًا ، نحنُ تحْتَ الأنبِياء
والدُّنى لوْلا كَرَاهٌ ، لاعْتَلَيْنَا الأُمَراء
فاحْرُسْ القلبَ بِوَحي ومسير الأصفِياء
إنَّمَا الدّنْيا ضَبَابٌ ليْسَ فيهِ قَطْرُ ماء
إنَّمَا الدّنْيَا وَبَاء
قدْ خُلقْنَا يا خليلي مُنْصِتينَ للسّماء
فاتحِينَ القلْبَ طَوعًا مُؤْمِنِينَ بالقضاء
لَلْقُلوب حُجَّةُ العقلِ و اَوْعَى للرَّجاء
يَعْرِفُ القلْبُ السَّلِيمُ قَدْ خُلِقْنَا ضُعَفاء
غَيْرَ أَنّا يا خليلِي نحنُ للنُّورِ ضياء
مَا سِوَانَا يَسْمَعُ الإِصْبَاحَ شَاكٍ للمَساء
اَيُّهَا الغَيْمُ الثَّقِيلُ هَلْ تَدَعْنِي فِي سَنَاء
قَالَ ذَاكَ الغَيْمُ مَهْلًا نَحْنُ فِي الشَكْوَى سَواء
قَدْ شَكَا الليْلُ إِلَيَّ بَعْثَكَ فِيهِ الضياء
هَلْ رَأَيْتَ ايَّ شَيْءٍ لَيْسَ يَأْتِيهِ الفَنَاء
قَدْ عَرَفْنَا مَنْ يُجِيء بالظّلام والصباح و المساء
هَلْ عَرَفْتَ مَنْ لَهُ الخُلْدُ بَقَاء ؟
يَا إلاهِي غَرَّنِي ثَوْبُ الحياةِ فاشْتَرَيْتُ و لَبِسْتُ و مَشَيْتُ
قدْ لَبِسْتُ العَيْشَ ثَوْبًا و دُرُوبًا فِي النَّواهِي قدْ قَطَعْتُ
كُلُّ دَرْبٍ يَفْتَحُ أبْوَابَ أُخْرَى .أيّ بَابٍ مَا طَرَقْتُ ؟
كُلّهَا رَبِّي فَتَحْتُ
عِشْتُ في الدّنيا كَأنّي لَمْ أَرَ قَطُّ وَلِيدًا لَا يَمُوتْ
كَالشقِيِّ لَمْ يَرَ يَوْمًا نُفُوسًا قَدْ خَلَتْ مِنْهَا البُيُوتْ
عِشْتُ فِيهَا كالذي مَا نامَ ليْلًا لِيَرَى اليومَ يَفُوتْ
قدْ مَشَيْتُ نَاسِيًا أنِّي خُلِقْتُ كَيْ أَمُوتْ
يَا إلاهِي مَنْ لِمَنْ بالذنْبِ رَبِّي قدْ أَنَابَ و أقَرّ
هَلْ لَنَا رَبٌّ سِوَاكَ مُسْتَلاذٌ فَنَلُوذُ و نَفِرّ
نَحْتَمِي اللّهم َ مِنْكَ أنَّكَ المَرْجُوُّ عَفْوًا مُقْتدِر
مَا كَرِهْتُ أَنَّنِي أَلْقَاكَ يوْمًا فِيهِ نَارٌ تَسْتَعِر
إِنَّنِي لُقْيَاكَ أَهْوَى رَغْمَ أَنَّ فِي كِتَابِي لِصَقَر
ذَاكَ أَنِّي مُوقِنٌ حَقَّ اليَقِينِ أَنَّكَ تَوّابُ بَرّ
فاعْفُ عَنِّي أَنْتَ خَيْرُ مَنْ غَفَر
واعْفُ عَمَّنْ كَانَ مِثْلِي حَامِلًا مَا قدْ وَزَر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق