بلال بن رباح الحبشي مؤذن الاسلام الاول
ـــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق- 29-9-2018
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انا سابق العرب وبلال سابق الحبشة وسلمان سابق فارس وصهيب سابق الروم ...عندما تسمع صوت الاذان يصدح في احياء مدينتك او قريتك يخطر على بالك صوت اول مؤذن في الاسلام الا وهو بلال بن رباح ومن باب الايفاء لشخصية هذا الرجل الرائع الذي خلد اسمه في احرف من ذهب علينا ان نتكلم عن هذا الشخص ومن اين جاء وكيف اسلم وما هو دوره في نشر الاسلام بصحبة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وصحبه الاكارم ...
بلال بن رباح الحبشي، أبو عبد الله، صحابي من السابقين إلى الإسلام كان مولى أو عبدا لبني جمح من قريش أعلن إسلامه فعذبه سيده أمية بن خلف الجمحي القرشي، فابتاعه أبو بكر الصديق وأعتقه، اشتهر بصبره على التعذيب وقولته الشهيرة تحت التعذيب "أحد أحد". كان جميل الصوت يغني في الجاهلية، فعندما ظهر الأذان بعد إسلامه كلفه رسول الله محمد بمهمة الأذان.
بلال بن رباح الحبشي، صحابيٌّ ومؤذنٌ للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ولد بعد عام الفيل بثلاث سنوات وتوفي في دمشق عام 20 هـ، وهو من الأوائل الذين دخلوا الإسلام.كان جميل الصوت يغني في الجاهلية، فعندما ظهر الأذان بعد إسلامه كلفه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بمهمة الأذان.
كان مولىً لبني "جُمَح" من قريش، أعلن إسلامه فعذّبه أميّة بن خلف، حتى اعتقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان أميناً لبيت المال ومشاركاً في جميع الحروب، كلّفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمهمّة الأذان.
بقي طوال حياة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم مؤذّناً خاصّاً له في سفره وحضره، ولم يؤذن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا بموارد قليلة.
سيرته
ــــــــــ كان بلال بن رباح، حبشيُّ الأصل، من منطقة شمال السودان، وقيل: كان من مُوَلّدي الحجاز، وقيل: من مُوَلّدي السّراة، وحبشيٌ؛ نسبة إلى الحبشة، وهم قوم مشهورون في السودان، فيُنسب إليهم بلال الحبشي
ويُسمّى (ابن حمامة) نسبة إلى أمه حمامة. كان رباح وحمامة سَبَيّن، فصارا مملوكين لبني جُمَح، وهم إحدى قبائل مكة وبطن من بطون قريش، من بني كعب.
وأمّا ولادته، فقد قيل: كان مولده بعد عام الفيل بثلاث سنين أو أقل. وكنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو، وأبو عبد الكريم، وأبو عبد الرحمن.
إسلامه
ــــــــ
إنه حبشي من أمة سوداء عبدان لأناس من بني جمح بمكة، حيث كانت أمه إحدى إمائهم وجواريهم، بدأت أنباء دعوة محمد صلى الله عليه وسلم تنادي سمعه، حين أخذ الناس في مكة يتناقلوها، وكان يصغي إلى أحاديث سادته وأضيافهم، ويوم إسلامه كان رسول الله وأبو بكر معتزلين في غار، إذ مرّ بهما بلال وهو في غنمِ عبد الله بن جدعان، فاطلع رسول الله رأسه من الغار وقال: " يا راعي هل من لبن؟ " فقال بلال: " ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم "، فقال رسول الله: " إيتِ بها! " فجاء بها بلال، فدعا رسول الله بقعبه، فاعتقلها فحلب في القعب حتى ملأه، فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانتْ، ثم قال: " يا غلام هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله "، فأسلم، وقال: " اكتم إسلامك " ففعل وانصرف بغنمه، وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله: " لقد رعيت مرعىً طيباً فعليك به "، فعاد إليه ثلاثة أيام يسقيهما، ويتعلّم الإسلام، حتى إذا كان اليوم الرابع، فمرّ أبو جهل بأهل عبد الله بن جدعان فقال: " إني أرى غنمك قد نمت وكثر لبنها؟" فقالوا: " قد كثر لبنها منذ ثلاثة أيام، وما نعرف ذلك منها!" فقال: " عبدكم وربّ الكعبة يعرف مكان ابن أبي كبشة، فامنعوه أن يرعى المرعى "، فمنعوه من ذلك المرعى
كان بلال الحبشي من الأوائل الذين دخلوا في دين الإسلام على يد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم منذ بدء الدعوة، وأقام بلال على إسلامه حتى علِمت به قريش أنه يكفر بالأصنام، وكان حينها مملوكاً لأميّة بن خلف بن وهب الجُمحي، فأخذه أمية إلى البطحاء، فضجعه في الشمس، ثمّ أخذ الحجر، فوضعه على بطنه وكتفيه، وقال: دينك اللاّت والعزى، فقال: ربي الله، وقال قولته المشهورة (أحدٌ أحد). وقيل: أنّ أبا بكر اشتراه بعبدين له أسودين، وقيل: كان عتقه بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لِما ورد في الأخبار عن الأئمة الأطهارعليهم السلام أنّ بلال بن حمامة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
صفاته
ــــــــــ شديد السمرة، نحيف، مفرط الطول، كثير الشعر، جميل الصوت، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء التي توجه اليه، الا ويحني رأسه ويغض طرفه وعبراته على وجنتيه تسيل ويقول: (إنما أنا حبشي كنت بالأمس عبدا).
ذهب يوما يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما: (أنا بلال وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وإن تمنعونا فالله أكبر).
مكانته
ـــــــــ حظي بلال بمنزلة رفيعة عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو هريرة عن النبي محمد قوله لبلال عند صلاة الصبح: «حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة»، فقال بلال: «ما عملت عملاً أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي»، وروى أنس بن مالك عن النبي محمد قوله: «السُّبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم»، وروى عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن النبي محمد: «سادة السودان: لقمان والنجاشي وبلال ومهجع». وقال سعد بن أبي وقاص: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود وبلال ورجل من هذيل وآخران، فأنزل الله تعالى وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ويروي يحيى بن سعيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب ذكر فضل أبي بكر، فجعل يصف مناقبه، ثم قال: «وهذا سيدنا بلال حسنة من حسناته»، كما كان عمر يقول: «أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا».
قربه من النبي صلى الله عليه وسلم
ــــــــــــــــــ كان بلال ملازماً للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في مكة، وفي المدينة، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهتماً به، وقرّبه إليه، حيث كان خازن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بيت المال، فكان المتولي على أمر النفقة. فلم يفارق النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى في غزواته وحروبه، واستمر جهاده في مكة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمدينة، حيث شهد بلال بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
كما ورد في الأخبار أيضاً عن ملاصقته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أوقات عبادته وصلاته، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم على التعيين بالجنة.
روى الكثير مما سمعه من أحاديث ومواعظ عن النبيصلى الله عليه وآله وسلم، وقد روى عنه كبار الصحابة والتابعين، وحديثه في كتب البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم. وقد أُشتهر أيضاً، وعرف في كتب التاريخ أنّه لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُقم في المدينة، ولم يؤذّن حتى خرج إلى الشام، ومات فيها
نقله لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــ كان بلال راوياً للحديث ، فقد روى عنه كبار تابعي المدينة والشام والكوفة ، ومنهم: أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر والأسود بن يزيد النخعي، والبراء بن عازب، والحارث بن معاوية، وغيرهم. ومما نُقل عنه: «روي عن بلال بن حمامة، قال: طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم متبسّماً ضاحكاً، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال له: (بأبي وأمي) يا رسول الله، ما الذي أضحكك؟! قال: بشارة أتتني من عند الله عزّ وجلّ في ابن عمي وأخي وابنتي فاطمة، إنّ الله عزّ وجلّ لما زوجها بعلي أمر رضوان فهزّ شجرة طوبى فحملت رقاقاً يعني صكاكًا بعدد محبينا أهل البيت، ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور، فأخذ كلّ ملك رقاً، فإذا استوت القيامة بأهلها ماجت الملائكة في الخلائق، فلا يلقون محباً لنا أهل البيت إلا أعطوه رقاً فيه براءة من النار، فنثار أخي وابن عمي وابنتي، فكاك رقاب رجال ونساء من أُمتي من النّار».
أذانه
ـــــــــ منمنمة فارسية تصور بلال وهو يؤذن فوق الكعبة يوم فتح مكة، ويحيطه الصحابة.
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــ بدء الأذان من الليلة التي عرج بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء وعلّمه جبرئيل عليه السلام ذلك، كما ورد عن الإمام الباقرعليه السلام أنه قال : لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبلغ البيت المعمور، حضرت الصلاة فأذّن جبرئيل عليه السلام وأقامَ، فتقدم رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم وصفّ الملائكة والنبيون خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثمّ علّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبلال ليكون هو المؤذن الأول في الإسلام، فكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم طوال حياته، في حِلّه وترحاله، وحتى في الحروب والغزوات. حتى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نعِم المرء بلال، هو سيد المؤذنين، ولا يتبعه إلاّ مؤذن، والمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة. ولم يتّخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير بلال مؤذناً، ولذا كان بقدر ما يأنس بالصلاة، أيضاً كان المؤنس له هو صوت بلال، فكان النبيصلى الله عليه وآله وسلم يخاطبه بالخصوص ويقول: يا بلال قم فناد بالصلاة - يا بلال قم فأذن - يا بلال أقم الصلاة وأرحنا.
فضله
ـــــــ قال رسول الله: " إني دخلتُ الجنة، فسمعت خشفةً بين يديّ، فقلتُ: يا جبريل ما هذه الخشفة؟ قال: بلال يمشي أمامك ". وقد سأل النبي بلالاً بأرْجى عمل عمله في الإسلام فقال: " لا أتطهّرُ إلا إذا صليت بذلك الطهور ما كتِبَ لي أن أصلّيَ "
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلَالٌ ".
وقد دخل بلال على رسول الله وهو يتغدّى فقال له النبي: " الغداءَ يا بلال " فقال: " إني صائم يا رسول الله "، فقال: " نأكلُ رِزْقَنَا، وفضل رزقِ بلال في الجنة، أشعرتَ يا بلال أنّ الصائم تُسبّح عظامُهُ، وتستغفر له الملائكة ما أكِلَ عنده ".
وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال: " كيف تفضِّلوني عليه، وإنما أنا حسنة من حسناته! "
بعد زمان النبي صلى الله عليه وسلم
ــــــــــــــــــــــــــ لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذّن بلال، فكان إذا قال: (أشهد أن محمداً رسول الله) انتحب الناس في المسجد، فلما دُفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إني لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولذا فقد اشتهر وعرف أنه لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُقم في المدينة ولم يُؤذّن بها إلاّ مرة واحدة في قَدومة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: إنّ الصحابة طلبوا إليه ذلك فأذّن، ولم يُتم الأذان
وروي أيضاً أنه لما قُبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم امتنع بلال من الأذان وقال: لا أؤذن لأحد بعد رسول الله، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم: إني أحب أن أسمع صوت مؤذن أبي، فبلغ ذلك بلالاً فأخذ في الأذان، فلما قال: الله أكبر الله أكبر، ذكرت أباها صلى الله عليه وآله وسلم وأيامه، فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ إلى قوله: أشهد أن محمداً رسول الله، شهقت فاطمة عليها السلام وغُشي عليها، فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال، فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدنيا، وظنوا أنها قد ماتت، فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتم الأذان فلم يفعل، وقال لها: يا سيدة النساء، إني أخشى عليك مما تُنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان، فأعفته عن ذلك.
الزواج
ــــــــ جاء بنو البُكير من بني ليث من قبيلة كنانة إلى رسول الله فقالوا: " زوِّج أختنا فلاناً "، فقال لهم: " أين أنتم عن بلال؟ "، ثم جاؤوا مرّة أخرى فقالوا: " يا رسول الله أنكِح أختنا فلاناً "، فقال لهم: " أين أنتم عن بلال؟ "، ثم جاؤوا الثالثة فقالوا: " أنكِح أختنا فلاناً "، فقال: " أين أنتم عن بلال؟ أين أنتم عن رجل من أهل الجنة؟ "، فأنكحوهُ.
وأتى النبي امرأة بلال فسلّم وقال: "' أثمَّ بلال؟ " فقالت: " لا "، قال: " فلعلّك غَضْبَى على بلال! "، قالت: " إنه يجيئني كثيراً فيقول: قال رسول الله، قال رسول الله "، فقال لها رسول الله: " ما حدّثك عني بلالٌ فقد صَدَقكِ بلالٌ، بلالٌ لا يكذب، لا تُغْضِبي بلالاً فلا يُقبل منكِ عملٌ ما أغضبتِ بلالاً ".
عائلته
ــــــــــ حسب ما أُشتهر في كُتب التاريخ أنّ لبلال الحبشي زوجة واحدة، وهي هند الخولانية، وقيل: إنها من أهل داريّا من دمشق، حكت عن زوجها بلال، وروى عنها عمير بن هانئ، وعاتكة اللخمية.
اختلفت الأقوال في أنّ لبلال الحبشي أولاد من عدمه، فقد قال محمد بن إسحاق: أنّ بلال لا عقب له. بينما قال ابن الأثير في أحداث سنة 519 ه: في هذه السنة توفي هلال بن عبد الرحمن بن شريح بن عمر بن أحمد، وهو من ولد بلال بن رباح مؤذن رسول الله وكنيته أبو سعد طاف البلاد وسمع وقرأ القرآن وكان موته بسمرقند.
رباطه
ـــــــ بعد وفاة النبي واستخلاف المسلمين أبا بكر الصديق من بعده، ذهب بلال إلى الخليفة يقول له: " يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله يقول: أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله "، فقال له أبو بكر: " فما تشاء يا بلال؟ "، قال: " أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت "، قال أبو بكر: " ومن يؤذن لنا؟ "، قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع: " إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله "، قال أبو بكر: " بل ابق وأذن لنا يا بلال "، قال بلال: " إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وإن كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له "، قال أبو بكر: " بل أعتقتك لله يا بلال ".
ويختلف الرواة في أنه سافر إلى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا، ويروي بعضهم أنه قبل رجاء أبي بكر وبقي في المدينة فلما قبض وولى الخلافة عمر، استأذنه وخرج إلى الشام
حبه لأهل البيت عليهم السلام
ــــــــــــــــــــــــ من المميزات التي ظهرت على بلال وكانت نتيجة ملازمته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن آثار تربيته له، حبه لأهل البيت وتعلّقه بهم، كما قال فيه الإمام الصادقعليه السلام: رحم الله بلالاً فإنه كان يحبنا أهل البيت.
وجاءت روايات كثيرة لحبه وخدمته لأهل البيت عليهم السلام. منها: بينما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم والناس في المسجد ينتظرون بلالاً أن يأتي فيؤذن إذ أتى بعد زمان، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما حبسك يا بلال؟، فقال: إني اجتزت بفاطمة عليها السلام وهي تطحن واضعة ابنها الحسن عند الرحى وهي تبكي، فقلت لها: أيما أحب إليك: إن شئت كفيتك ابنك، وإن شئت كفيتك الرحى؟ فقالت: أنا أرفق بابني، فأخذت الرحى فطحنت، فذاك الذي حبسني، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: رحمتها، رحمك الله. وكذا في خدمته لعلي بن ابي طالب، وفي أهل بيته ...
وفاته
ـــــــ كان عمر بلال حين وفاته كما قيل: بضع وستون سنة. حيث روي أنّ بلال توفي في الطاعون الذي ضرب عمواس وانتشر منها، فعُرف فيما بعد بـ(طاعون عمواس). وقد اتفق أكثر أهل التاريخ على أنه لما مات حُمل على رقاب الرجال، ودفن بالباب الصغير في مقبرة دمشق. وكانت وفاته على قول الأكثر سنة عشرين من الهجرة. وقيل: مات سنة ثمان عشرة.
" د. صالح العطوان الحيالي "
ـــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق- 29-9-2018
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انا سابق العرب وبلال سابق الحبشة وسلمان سابق فارس وصهيب سابق الروم ...عندما تسمع صوت الاذان يصدح في احياء مدينتك او قريتك يخطر على بالك صوت اول مؤذن في الاسلام الا وهو بلال بن رباح ومن باب الايفاء لشخصية هذا الرجل الرائع الذي خلد اسمه في احرف من ذهب علينا ان نتكلم عن هذا الشخص ومن اين جاء وكيف اسلم وما هو دوره في نشر الاسلام بصحبة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وصحبه الاكارم ...
بلال بن رباح الحبشي، أبو عبد الله، صحابي من السابقين إلى الإسلام كان مولى أو عبدا لبني جمح من قريش أعلن إسلامه فعذبه سيده أمية بن خلف الجمحي القرشي، فابتاعه أبو بكر الصديق وأعتقه، اشتهر بصبره على التعذيب وقولته الشهيرة تحت التعذيب "أحد أحد". كان جميل الصوت يغني في الجاهلية، فعندما ظهر الأذان بعد إسلامه كلفه رسول الله محمد بمهمة الأذان.
بلال بن رباح الحبشي، صحابيٌّ ومؤذنٌ للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ولد بعد عام الفيل بثلاث سنوات وتوفي في دمشق عام 20 هـ، وهو من الأوائل الذين دخلوا الإسلام.كان جميل الصوت يغني في الجاهلية، فعندما ظهر الأذان بعد إسلامه كلفه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بمهمة الأذان.
كان مولىً لبني "جُمَح" من قريش، أعلن إسلامه فعذّبه أميّة بن خلف، حتى اعتقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان أميناً لبيت المال ومشاركاً في جميع الحروب، كلّفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمهمّة الأذان.
بقي طوال حياة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم مؤذّناً خاصّاً له في سفره وحضره، ولم يؤذن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا بموارد قليلة.
سيرته
ــــــــــ كان بلال بن رباح، حبشيُّ الأصل، من منطقة شمال السودان، وقيل: كان من مُوَلّدي الحجاز، وقيل: من مُوَلّدي السّراة، وحبشيٌ؛ نسبة إلى الحبشة، وهم قوم مشهورون في السودان، فيُنسب إليهم بلال الحبشي
ويُسمّى (ابن حمامة) نسبة إلى أمه حمامة. كان رباح وحمامة سَبَيّن، فصارا مملوكين لبني جُمَح، وهم إحدى قبائل مكة وبطن من بطون قريش، من بني كعب.
وأمّا ولادته، فقد قيل: كان مولده بعد عام الفيل بثلاث سنين أو أقل. وكنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو، وأبو عبد الكريم، وأبو عبد الرحمن.
إسلامه
ــــــــ
إنه حبشي من أمة سوداء عبدان لأناس من بني جمح بمكة، حيث كانت أمه إحدى إمائهم وجواريهم، بدأت أنباء دعوة محمد صلى الله عليه وسلم تنادي سمعه، حين أخذ الناس في مكة يتناقلوها، وكان يصغي إلى أحاديث سادته وأضيافهم، ويوم إسلامه كان رسول الله وأبو بكر معتزلين في غار، إذ مرّ بهما بلال وهو في غنمِ عبد الله بن جدعان، فاطلع رسول الله رأسه من الغار وقال: " يا راعي هل من لبن؟ " فقال بلال: " ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم "، فقال رسول الله: " إيتِ بها! " فجاء بها بلال، فدعا رسول الله بقعبه، فاعتقلها فحلب في القعب حتى ملأه، فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانتْ، ثم قال: " يا غلام هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله "، فأسلم، وقال: " اكتم إسلامك " ففعل وانصرف بغنمه، وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله: " لقد رعيت مرعىً طيباً فعليك به "، فعاد إليه ثلاثة أيام يسقيهما، ويتعلّم الإسلام، حتى إذا كان اليوم الرابع، فمرّ أبو جهل بأهل عبد الله بن جدعان فقال: " إني أرى غنمك قد نمت وكثر لبنها؟" فقالوا: " قد كثر لبنها منذ ثلاثة أيام، وما نعرف ذلك منها!" فقال: " عبدكم وربّ الكعبة يعرف مكان ابن أبي كبشة، فامنعوه أن يرعى المرعى "، فمنعوه من ذلك المرعى
كان بلال الحبشي من الأوائل الذين دخلوا في دين الإسلام على يد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم منذ بدء الدعوة، وأقام بلال على إسلامه حتى علِمت به قريش أنه يكفر بالأصنام، وكان حينها مملوكاً لأميّة بن خلف بن وهب الجُمحي، فأخذه أمية إلى البطحاء، فضجعه في الشمس، ثمّ أخذ الحجر، فوضعه على بطنه وكتفيه، وقال: دينك اللاّت والعزى، فقال: ربي الله، وقال قولته المشهورة (أحدٌ أحد). وقيل: أنّ أبا بكر اشتراه بعبدين له أسودين، وقيل: كان عتقه بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لِما ورد في الأخبار عن الأئمة الأطهارعليهم السلام أنّ بلال بن حمامة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
صفاته
ــــــــــ شديد السمرة، نحيف، مفرط الطول، كثير الشعر، جميل الصوت، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء التي توجه اليه، الا ويحني رأسه ويغض طرفه وعبراته على وجنتيه تسيل ويقول: (إنما أنا حبشي كنت بالأمس عبدا).
ذهب يوما يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما: (أنا بلال وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وإن تمنعونا فالله أكبر).
مكانته
ـــــــــ حظي بلال بمنزلة رفيعة عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو هريرة عن النبي محمد قوله لبلال عند صلاة الصبح: «حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة»، فقال بلال: «ما عملت عملاً أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي»، وروى أنس بن مالك عن النبي محمد قوله: «السُّبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم»، وروى عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن النبي محمد: «سادة السودان: لقمان والنجاشي وبلال ومهجع». وقال سعد بن أبي وقاص: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود وبلال ورجل من هذيل وآخران، فأنزل الله تعالى وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ويروي يحيى بن سعيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب ذكر فضل أبي بكر، فجعل يصف مناقبه، ثم قال: «وهذا سيدنا بلال حسنة من حسناته»، كما كان عمر يقول: «أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا».
قربه من النبي صلى الله عليه وسلم
ــــــــــــــــــ كان بلال ملازماً للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في مكة، وفي المدينة، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهتماً به، وقرّبه إليه، حيث كان خازن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بيت المال، فكان المتولي على أمر النفقة. فلم يفارق النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى في غزواته وحروبه، واستمر جهاده في مكة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمدينة، حيث شهد بلال بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
كما ورد في الأخبار أيضاً عن ملاصقته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أوقات عبادته وصلاته، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم على التعيين بالجنة.
روى الكثير مما سمعه من أحاديث ومواعظ عن النبيصلى الله عليه وآله وسلم، وقد روى عنه كبار الصحابة والتابعين، وحديثه في كتب البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم. وقد أُشتهر أيضاً، وعرف في كتب التاريخ أنّه لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُقم في المدينة، ولم يؤذّن حتى خرج إلى الشام، ومات فيها
نقله لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــ كان بلال راوياً للحديث ، فقد روى عنه كبار تابعي المدينة والشام والكوفة ، ومنهم: أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر والأسود بن يزيد النخعي، والبراء بن عازب، والحارث بن معاوية، وغيرهم. ومما نُقل عنه: «روي عن بلال بن حمامة، قال: طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم متبسّماً ضاحكاً، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال له: (بأبي وأمي) يا رسول الله، ما الذي أضحكك؟! قال: بشارة أتتني من عند الله عزّ وجلّ في ابن عمي وأخي وابنتي فاطمة، إنّ الله عزّ وجلّ لما زوجها بعلي أمر رضوان فهزّ شجرة طوبى فحملت رقاقاً يعني صكاكًا بعدد محبينا أهل البيت، ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور، فأخذ كلّ ملك رقاً، فإذا استوت القيامة بأهلها ماجت الملائكة في الخلائق، فلا يلقون محباً لنا أهل البيت إلا أعطوه رقاً فيه براءة من النار، فنثار أخي وابن عمي وابنتي، فكاك رقاب رجال ونساء من أُمتي من النّار».
أذانه
ـــــــــ منمنمة فارسية تصور بلال وهو يؤذن فوق الكعبة يوم فتح مكة، ويحيطه الصحابة.
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــ بدء الأذان من الليلة التي عرج بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء وعلّمه جبرئيل عليه السلام ذلك، كما ورد عن الإمام الباقرعليه السلام أنه قال : لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبلغ البيت المعمور، حضرت الصلاة فأذّن جبرئيل عليه السلام وأقامَ، فتقدم رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم وصفّ الملائكة والنبيون خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثمّ علّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبلال ليكون هو المؤذن الأول في الإسلام، فكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم طوال حياته، في حِلّه وترحاله، وحتى في الحروب والغزوات. حتى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نعِم المرء بلال، هو سيد المؤذنين، ولا يتبعه إلاّ مؤذن، والمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة. ولم يتّخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير بلال مؤذناً، ولذا كان بقدر ما يأنس بالصلاة، أيضاً كان المؤنس له هو صوت بلال، فكان النبيصلى الله عليه وآله وسلم يخاطبه بالخصوص ويقول: يا بلال قم فناد بالصلاة - يا بلال قم فأذن - يا بلال أقم الصلاة وأرحنا.
فضله
ـــــــ قال رسول الله: " إني دخلتُ الجنة، فسمعت خشفةً بين يديّ، فقلتُ: يا جبريل ما هذه الخشفة؟ قال: بلال يمشي أمامك ". وقد سأل النبي بلالاً بأرْجى عمل عمله في الإسلام فقال: " لا أتطهّرُ إلا إذا صليت بذلك الطهور ما كتِبَ لي أن أصلّيَ "
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلَالٌ ".
وقد دخل بلال على رسول الله وهو يتغدّى فقال له النبي: " الغداءَ يا بلال " فقال: " إني صائم يا رسول الله "، فقال: " نأكلُ رِزْقَنَا، وفضل رزقِ بلال في الجنة، أشعرتَ يا بلال أنّ الصائم تُسبّح عظامُهُ، وتستغفر له الملائكة ما أكِلَ عنده ".
وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال: " كيف تفضِّلوني عليه، وإنما أنا حسنة من حسناته! "
بعد زمان النبي صلى الله عليه وسلم
ــــــــــــــــــــــــــ لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذّن بلال، فكان إذا قال: (أشهد أن محمداً رسول الله) انتحب الناس في المسجد، فلما دُفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إني لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولذا فقد اشتهر وعرف أنه لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُقم في المدينة ولم يُؤذّن بها إلاّ مرة واحدة في قَدومة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: إنّ الصحابة طلبوا إليه ذلك فأذّن، ولم يُتم الأذان
وروي أيضاً أنه لما قُبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم امتنع بلال من الأذان وقال: لا أؤذن لأحد بعد رسول الله، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم: إني أحب أن أسمع صوت مؤذن أبي، فبلغ ذلك بلالاً فأخذ في الأذان، فلما قال: الله أكبر الله أكبر، ذكرت أباها صلى الله عليه وآله وسلم وأيامه، فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ إلى قوله: أشهد أن محمداً رسول الله، شهقت فاطمة عليها السلام وغُشي عليها، فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال، فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدنيا، وظنوا أنها قد ماتت، فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتم الأذان فلم يفعل، وقال لها: يا سيدة النساء، إني أخشى عليك مما تُنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان، فأعفته عن ذلك.
الزواج
ــــــــ جاء بنو البُكير من بني ليث من قبيلة كنانة إلى رسول الله فقالوا: " زوِّج أختنا فلاناً "، فقال لهم: " أين أنتم عن بلال؟ "، ثم جاؤوا مرّة أخرى فقالوا: " يا رسول الله أنكِح أختنا فلاناً "، فقال لهم: " أين أنتم عن بلال؟ "، ثم جاؤوا الثالثة فقالوا: " أنكِح أختنا فلاناً "، فقال: " أين أنتم عن بلال؟ أين أنتم عن رجل من أهل الجنة؟ "، فأنكحوهُ.
وأتى النبي امرأة بلال فسلّم وقال: "' أثمَّ بلال؟ " فقالت: " لا "، قال: " فلعلّك غَضْبَى على بلال! "، قالت: " إنه يجيئني كثيراً فيقول: قال رسول الله، قال رسول الله "، فقال لها رسول الله: " ما حدّثك عني بلالٌ فقد صَدَقكِ بلالٌ، بلالٌ لا يكذب، لا تُغْضِبي بلالاً فلا يُقبل منكِ عملٌ ما أغضبتِ بلالاً ".
عائلته
ــــــــــ حسب ما أُشتهر في كُتب التاريخ أنّ لبلال الحبشي زوجة واحدة، وهي هند الخولانية، وقيل: إنها من أهل داريّا من دمشق، حكت عن زوجها بلال، وروى عنها عمير بن هانئ، وعاتكة اللخمية.
اختلفت الأقوال في أنّ لبلال الحبشي أولاد من عدمه، فقد قال محمد بن إسحاق: أنّ بلال لا عقب له. بينما قال ابن الأثير في أحداث سنة 519 ه: في هذه السنة توفي هلال بن عبد الرحمن بن شريح بن عمر بن أحمد، وهو من ولد بلال بن رباح مؤذن رسول الله وكنيته أبو سعد طاف البلاد وسمع وقرأ القرآن وكان موته بسمرقند.
رباطه
ـــــــ بعد وفاة النبي واستخلاف المسلمين أبا بكر الصديق من بعده، ذهب بلال إلى الخليفة يقول له: " يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله يقول: أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله "، فقال له أبو بكر: " فما تشاء يا بلال؟ "، قال: " أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت "، قال أبو بكر: " ومن يؤذن لنا؟ "، قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع: " إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله "، قال أبو بكر: " بل ابق وأذن لنا يا بلال "، قال بلال: " إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وإن كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له "، قال أبو بكر: " بل أعتقتك لله يا بلال ".
ويختلف الرواة في أنه سافر إلى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا، ويروي بعضهم أنه قبل رجاء أبي بكر وبقي في المدينة فلما قبض وولى الخلافة عمر، استأذنه وخرج إلى الشام
حبه لأهل البيت عليهم السلام
ــــــــــــــــــــــــ من المميزات التي ظهرت على بلال وكانت نتيجة ملازمته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن آثار تربيته له، حبه لأهل البيت وتعلّقه بهم، كما قال فيه الإمام الصادقعليه السلام: رحم الله بلالاً فإنه كان يحبنا أهل البيت.
وجاءت روايات كثيرة لحبه وخدمته لأهل البيت عليهم السلام. منها: بينما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم والناس في المسجد ينتظرون بلالاً أن يأتي فيؤذن إذ أتى بعد زمان، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما حبسك يا بلال؟، فقال: إني اجتزت بفاطمة عليها السلام وهي تطحن واضعة ابنها الحسن عند الرحى وهي تبكي، فقلت لها: أيما أحب إليك: إن شئت كفيتك ابنك، وإن شئت كفيتك الرحى؟ فقالت: أنا أرفق بابني، فأخذت الرحى فطحنت، فذاك الذي حبسني، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: رحمتها، رحمك الله. وكذا في خدمته لعلي بن ابي طالب، وفي أهل بيته ...
وفاته
ـــــــ كان عمر بلال حين وفاته كما قيل: بضع وستون سنة. حيث روي أنّ بلال توفي في الطاعون الذي ضرب عمواس وانتشر منها، فعُرف فيما بعد بـ(طاعون عمواس). وقد اتفق أكثر أهل التاريخ على أنه لما مات حُمل على رقاب الرجال، ودفن بالباب الصغير في مقبرة دمشق. وكانت وفاته على قول الأكثر سنة عشرين من الهجرة. وقيل: مات سنة ثمان عشرة.
" د. صالح العطوان الحيالي "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق