الجمعة، 6 مارس 2020

الشاعرة /بهيجه بن موسى ...تكتب ...حب يصارع الأقدار ...

قصة قصيرة:

     **حب يصارع الأقدار**

رأته في غفلة من الزمن نورا تجلّى كالبدر في سماء حياتها الرّاكدة
فتح باب قلبها الصّدٍإِ ذات سكون مُعْتَادٍ، سمعت صوت صريرٍ مرعبٍ فالباب كان صدءًا وفتْحه صعبٌ أحدث ضجيجا هزّ كيانها وأصابها بمشاعر لم تذق لها طعما من قبل ولم تفهم لها معنى...
فتح باب قلبها بكل نعومة الدّنيا وبكلّ حلاوة الكون ودخل بخطًى ثابتة وإعتلى عرش ذاك القلب المهمل من سنين وتربّع عليه وأخذ موقعه وارتاح في تموقعه وكأنّه ساكنه منذ سنين،كما لو كان مالك المكان وهي الضّيفة وشيء إلاهيّ دخل معه ورافقه في قلبها.
شيء جعلها مرتاحة لوجوده لم تستغرب ولم تستنكر ذلك الإستيطان..لم تدافع ولم تعترض
ولم تطالبه بالرّحيل
بل كانت في قمّة السّعادة ويوما بعد يوم كانت تساعده على فتح أبوابٍ وأبوابٍ إلى أن تغلغل في ذاتها وملك كيانها وأصبح وجوده في حياتها هو المعنى الحقيقي للحياة وغيابه يعني الموت والفناء...
......مرّت برهة من الزّمن.......
عاشا فيها السّعادة وذاقا طعم الحبّ الحقيقي الحب المقدّس الذي يُلْقَى في القلب كالسّرّ الإلاهي
تحابّا بكل نقاء وصفاء بكل صدق وإخلاص ووفاء...
..........لكن............
كعادتها الأقدار أبت إلّا أن تفرض عليهاشروطها وتنفّذ فيها أحكامها وتجعل حبّهما مستحيلا فأدخلتهما في دوّامة الممنوع والمرفوض وجنَّدَتْ العادات والأعراف والشرائع والقوانين لتقف حائلا دون تحقّق الوصل بينهما
حاولت المسكينة وبحثت عن حلول ولم تدّخر جهدا في الوصول إلى حبيبها حتى أنّها تحدّت الأقدار ودخلت معها في صراع أسطوري وصل مرحلة الجنون...
صارعت و قاتلت،حاولت وصمدت ولم تقصّر ولكن رياح القدر كانت عاتية ورفضت أن توفّق مساعيها و أصرّت على أن تفرّقها عن حبيبها
لكن كيف؟؟؟؟!!!!
فراقه يعني موتها،هذه هي الحقيقة الوحيدة التي تعرفها.
كيف ستحيا؟
كيف ستتنفّس؟
لن تقوى على الحياة دون وجوده معها.
كانت لحظة حاسمة حين ردّت على قرار القدر بقرارها الخاصّ.
نعم لقد تحدّت القدر من جديد وقررت أن تضع حدّا لحياتها ورفضت أن تعيش دون حبيبها ونفّذت قرارها وقامت بكل ما يلزم لإنهاء حياتها.
لكنّ الفشل الذي كان يعشقها دون غيرها كان حاضرا فجنّدته الأقدار ليُجْهض محاولتها ويمنعها من الرحيل .
ثمّ وقفت الأقدار بكل غرور تنظر إليها بسخرية وتعالٍ،تفتخر بإنتصارها على العاشقة المسكينة التي من شدّة قهرها صمت قلبها فجأة وانطلق لسانها بكلمات قد تفهمها الأقدار دون غيرها فقد كانت كلمات ليست كالكلمات:

دجت الليالي
وأشعلت شموعها
من دموع مقلتي
ورفعت راياتها السوداء
على نعش روحي
وصلّت عليّا صلاة الجنازة
ودقّت طبول الأفراح
لدفني وكسري واندثاري
فتهت في عتمة الزمن
لا أميّز بين ليلي و نهاري
وجاءت الأقدار على أعتاب مقبرتي
وغسلت يديها مني ومن وجودي
الذي لم يكن له في الأساس معنى ولا إعتباري
وتلك السنوات العجاف
 أجهضت حلمي
وكسرت خاطري
ومحت من الوجود آثاري
أبلت الروح
فلم يبقى للعظام معنى
وباحت بكل أسراري
وقالت انت اليوم ذكرى
بلا تذكار
وأنت حقيقة نسبيّة
لم تكن في الإعتبار
فرغم وجودك لم تكوني موجودة
إلّا في بعض الأساطير من نسج الأفكار
فتقبّلي الواقع و لا تحتاري
وإرْضَيْ بأحكام القدر
وقدّمي له كل طقوس الإعتذار
فوقفتُ بشموخ وقلت لها:
مهلك لا تتباهي بإنهياري
فأنا قويّة والصّمود شعاري
ولن تكسر روحي بعض المحن
أو مساعي ثُلّة من الأشرار
أنا في وجه الضّغائن قوّة جبّارة
وجبل من الإصرار
لن أنحني
لن أنكسر
وسيبقى القرار قراري.

        بهيجة بن موسى/تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...