أعزائى القراء سلام الله عليكم !
أتمنى أن تنال هذه القصة رضاكم كسابقاتها.
/ الرسالة /
كان السيد عدنان رجلا ثريا جدا ، فأعماله الحرة كانت تدر عليه أموالا طائلة كل يوم. كان طيب القلب ، خدوما ، ولم يكن يدخر جهدا في مساعدة كل من هو في حاجة إلى مساعدته. توفيت زوجته وابنته الوحيدة في حادثة سير مرعبة ، فحزن جدا لفراقهما ، الشيء الذي جعله يضرب عن الزواج ، ولم يكن عمره آنذاك يتجاوز الثامنة والاربعين سنة. هو يبلغ الآن من العمر سبعون سنة. أصبح يحس ، مع مرور الوقت بوحدة قاتلة ، فاشتكى الأمر إلى أحد أصدقائه الذي نصحه بأن بتزوج من امرأة ترعى مصالحه وتلبي جميع حاجياته.
- لكن أين هي هذه المرأة التي ستقبل بي زوجا ياصديقي ، وأنا في سن السبعين ؟
- لا عليك ، اترك الأمر لي ولا تكثرت.
بعد أقل من شهر ، عاد الصديق ومعه الخبر السعيد :
- أبشر ياأخي ، فحظك من السماء كما يقال ! فتاة جميلة ، في الثلاثين . .
- في الثلاثين ؟ هذه مازالت طفلة ! هل قلت لها كم أبلغ أنا من العمر ؟
- نعم.
- وماذا قالت ؟
- قالت بالحرف " من الممكن أن أوافق على الزواج منه إن هو قبل بشروطي ! "
وقبل فعلا بكل شروطها ، ثم تزوجها. كان يعلم منذ البداية أنه زواج مصلحة ، هات وخذ (هي تهبه جمالها وشبابها ، وهو يهبها ماهي في حاجة إليه من المال هي وعائلتها ) ، لكن بعد مرور مايقرب من سنة على زواجهما ، أصبح يحبها بشغف ويفعل كل مافي وسعه ليجعلها تباذله نفس الإحساس. كان كريما جدا معها. بالإضافة إلى الحلي والمجوهرات والملابس الفاخرة ، فهي كانت تملك سيارة فخمة من النوع الناذر في البلاد. كان يمني النفس بأنها ستحبه يوما وتجعله يحيا معها حياة سعيدة. كان دائما يقول في نفسه " ألم يقل رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والسلام تهادوا تحابوا " ؟
عاد السيد عدنان ذات يوم من العمل ومعه هدية ثمينة لها ؛ إنها عبارة عن خاتم مرصع بالألماس ، يكاد يخطف العقل ! كانت الفرحة تغمر قلبه. كان يناديها بأعلى صوته ، لكنها لا تجيب. أخذ يبحث عنها في كل نواحي المنزل ، وهي عبارة عن فيلا فسيحة الأرجاء ، فلم يجدها .توجه إلى غرفة النوم والإبتسامة تعلو ثغره ، لكنها لم تكن موجودة هناك أيضا. كلمها على هاتفها النقال ، لكنه كان خارج التغطية. كلم أبويها في البيت ، فلم يجبه أحد. خرج بسرعة وامتطى سيارته متوجها إلى بيت أهلها. لم تكن هناك أيضا. قالت له أمها بأنها زارتهم قبل ساعة من الآن وكانت متوثرة جدا. وقال أبوها : كانت تبكي بمرارة وهي تغادر البيت ، لكن قبل هذا ، سلمتنا ظرفا وقالت بأن به رسالة.
- ماذا ؟ وأين هو هذا الظرف ؟
ياإلاهي ! ماإن قرأ السيد عدنان الجملة التي كانت مكتوبة على ظهر الظرف حتى أحس بشيء ما ، وكأنه سهم مسموم يخترق جسمه ، وبدأت ضربات قلبه تزداد عن معدلها الطبيعي. جملة زلزلت كل كيانه. كان مكتوبا بأحرف بارزة " لا تفتحوا هذا الظرف إلا بعد موتي "
لم يفهم السيد عدنان معنى هذا الكلام . قال في نفسه " عن أي موت تتحدث ؟ هل في نيتها أن تضع حدا لحياتها ؟ ولم ؟" لم يقل شيئا لأبويها ، ولم يفتح الظرف. خرج على التو متوجها إلى أقرب مخفر للشرطة ليطلعهم على هذا الأمر الذي بدأ يظهر له جليا أنه لايخلو من خطورة.
أظن أن الشيء الذي يثير الفضول الآن هو معرفة ماتضمنته هذه الرسالة ، أليس كذلك ؟ طيب. كتبت هذه المرأة تقول " أنا امرأة سافلة ، منحطة ، عديمة الضمير والأخلاق . . أستحق الرجم حتى الموت. كنت فقيرة فأغناني الله من فضله . . لم يرزقني المال وحسب ، بل رزقني برجل طيب كان يرى في الزوجة والحبيبة والصديقة . . رجل كان يغدق علي من الهدايا مالم أكن أحلم به ، في حين كنت أتمنى موته لأرث ثروته . . رجل منحني كامل الحرية ، ولم يسألني يوما أين كنت ومع من كنت وماذا فعلت ( وكان هذا هو شرطي الأساسي للزواج منه ، والذي كان يحترمه ). رجل أعطاني اسمه ومنحني ثقته . . لكني قابلت كل هذا بالسوء ، وخنت هذه الثقة ، ثقة هذا الزوج الطيب القلب الذي سأتركه قريبا لأرحل إلى دار البقاء. نعم . . إني أستعد للموت . . أنتظره . . أيامي أصبحت معدودة . . هذا ماقاله لي الطبيب الذي كشف عني قبل شهرين من الآن. قال لي بأن الشعور بالإرهاق ، والصداع ، وآلام العضلات ، وآلام الحلق ، والغثيان والتقيؤ ، والإسهال . . كل هذه أعراض للمرحلة الحادة لمرض الايدز ( نعم ، مرض الايدز ! ) والتي يتكاثر فيها الفيروس بشكل سريع ، وينتشر في جميع أنحاء الجسم ، ليدمر خلايا جهاز المناعة المحاربة للالتهابات.
زوجي أيها الرجل الطيب ، لن أطلب منك أن تسامحني ، ولا يجب أن تسامحني . . أنا امرأة حقيرة . . لقد خنتك مع رجال كثيرين . . نعم كثيربن ، وأنا لا أقيم لك وزنا ، ولم تكن إصابتي بمرض الإيدز إلا جزاء من الله لي ، انتقاما لك ولشرفك الذي دنسته وأنا لاأبالي. "
مر الآن اسبوع بالكامل على اختفاءها. مسكين السيد عدنان. كم كان حزينا على فراقها ! تنهد وهو يقول لصديقه " ليتها لم تختف .. ليتها لم تختف .. "
قال له صديقه " وهل كنت ستغفر لها زلتها ؟ " أجاب وهو يتنهد بعمق " أكيد ياأخي ، أكيد .. وإلا فما معنى أني كنت أحبها ! " قال صديقه ، وقد جحظت عيناه " لكنها كانت تخونك ! ! " فقال " حسابها عند رب العالمين ، أما أنا .. "
سكت الرجلان عن الكلام . في نفس الثانية ، سمعا معا الهاتف الداخلي للفيلا يرن .. كانت هي !
فتح السيد عدنان الباب بسرعة وكل مفاصله ترتعش . كان وجهها شاحبا ، وكان يخيل له أن لون عينيها قد تغير.
- لا .. لا تلمسني .. أخاف عليك من العدوى !
- هراء ، العدوى لا تنتقل عن طريق اللمس ! هيا ، تفضلي .. ادخلي !
- أدخل .. أنا لم آت هنا لأدخل ! جئت فقط لأقول لك شيئا ظننت أنه من حقك أن تعرفه.
- ماذا ؟ وما هو هذا الشيء ؟
نظرت إليه بعمق ، وكأنها تراه لأول مرة ، ثم قالت :
- لقد اكتشفت .. اكتشفت .. ( لم تعد تقوى على الكلام )
- اكتشفت ماذا .. هيا ، تكلمي !
لم تقل شيئا . اغرورقت عيناها دموعا وهي تنظر إليه ، ثم سقطت من طولها ، وقد أغمي عليها. ياإلاهي ، ماالعمل ؟ كان الرجلان يرتبكان وهما ينظران إليها بغرابة ، دون أدنى فكرة لإسعافها. هاهي تفتح عينيها ، وقد دبت الحياة من جديد في جسدها. قالت بصوت ضعيف جدا :
- اكتشفت أني .. كنت أحبك.
- ماذا .. كنت تحبينني ؟ !
- لكن كبريائي لم يكن يسمح لي بأن أقول لك ذلك.
- عجيب أمرك ! أنا أعرف أن الذي يحب لا يمكن أن يخون ؛ فلم كنت تخونينني ؟
- لست أدري .. لست أدري .. لكن رغم خيانتي لك ، فلقد كان حبي لك يزداد يوما بعد يوم.
- هه .. لايمكن أن يكون هذا صحيحا !
- لا ، صحيح .. والله صحيح ! أحببت فيك طيبوبتك ورجولتك وشهامتك .. أحببت فيك كل شيء .. وما زلت أحبك. "
هاهي تسكت فجأة عن الكلام. هاهو قلبها يتوقف عن النبض.
- مابك ؟ لم سكت عن الكلام ؟ هيا ، أكملي ! اسمعيني جيدا .. سآخذك إلى أوروبا ، أو إلى أمريكا .. سمعت أن هناك مستشفيات متخصصة في علاج مرض الإيدز. ستعودين كما كنت أو أحسن !
لاإله إلا الله ! لم ينتبه السيد عدنان : لقد ماتت المرأة. لقد فارقت الحياة. كان المسكين يكلم نفسه ويبكي كطفل صغير. لقد كان يحبها أكثر مما كان يحب نفسه.
تمت عملية الدفن. هاهو يعود الى البيت والدموع لاتكاد تفارق عينيه. لقد أدمى الفراق قلبه ، ولم يكن يستبعد ان روحه ستزهق منه في أية لحظة. وهو يغادر المكان ، تذكر آخر شيء قالته له ، وهي تصارع الموت. قالت له ، وروحها تتسلل إلى خارج جسدها " أحببت فيك كل شيء .. وما زلت أحبك "
انحنى على قبرها وقال بصوت غير مسموع " وأنا سأظل أحبك .. حتى وأنت تحت التراب ! "
مصطفى دهور. أستاذ اللغة الفرنسية.
الدار البيضاء.
أتمنى أن تنال هذه القصة رضاكم كسابقاتها.
/ الرسالة /
كان السيد عدنان رجلا ثريا جدا ، فأعماله الحرة كانت تدر عليه أموالا طائلة كل يوم. كان طيب القلب ، خدوما ، ولم يكن يدخر جهدا في مساعدة كل من هو في حاجة إلى مساعدته. توفيت زوجته وابنته الوحيدة في حادثة سير مرعبة ، فحزن جدا لفراقهما ، الشيء الذي جعله يضرب عن الزواج ، ولم يكن عمره آنذاك يتجاوز الثامنة والاربعين سنة. هو يبلغ الآن من العمر سبعون سنة. أصبح يحس ، مع مرور الوقت بوحدة قاتلة ، فاشتكى الأمر إلى أحد أصدقائه الذي نصحه بأن بتزوج من امرأة ترعى مصالحه وتلبي جميع حاجياته.
- لكن أين هي هذه المرأة التي ستقبل بي زوجا ياصديقي ، وأنا في سن السبعين ؟
- لا عليك ، اترك الأمر لي ولا تكثرت.
بعد أقل من شهر ، عاد الصديق ومعه الخبر السعيد :
- أبشر ياأخي ، فحظك من السماء كما يقال ! فتاة جميلة ، في الثلاثين . .
- في الثلاثين ؟ هذه مازالت طفلة ! هل قلت لها كم أبلغ أنا من العمر ؟
- نعم.
- وماذا قالت ؟
- قالت بالحرف " من الممكن أن أوافق على الزواج منه إن هو قبل بشروطي ! "
وقبل فعلا بكل شروطها ، ثم تزوجها. كان يعلم منذ البداية أنه زواج مصلحة ، هات وخذ (هي تهبه جمالها وشبابها ، وهو يهبها ماهي في حاجة إليه من المال هي وعائلتها ) ، لكن بعد مرور مايقرب من سنة على زواجهما ، أصبح يحبها بشغف ويفعل كل مافي وسعه ليجعلها تباذله نفس الإحساس. كان كريما جدا معها. بالإضافة إلى الحلي والمجوهرات والملابس الفاخرة ، فهي كانت تملك سيارة فخمة من النوع الناذر في البلاد. كان يمني النفس بأنها ستحبه يوما وتجعله يحيا معها حياة سعيدة. كان دائما يقول في نفسه " ألم يقل رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والسلام تهادوا تحابوا " ؟
عاد السيد عدنان ذات يوم من العمل ومعه هدية ثمينة لها ؛ إنها عبارة عن خاتم مرصع بالألماس ، يكاد يخطف العقل ! كانت الفرحة تغمر قلبه. كان يناديها بأعلى صوته ، لكنها لا تجيب. أخذ يبحث عنها في كل نواحي المنزل ، وهي عبارة عن فيلا فسيحة الأرجاء ، فلم يجدها .توجه إلى غرفة النوم والإبتسامة تعلو ثغره ، لكنها لم تكن موجودة هناك أيضا. كلمها على هاتفها النقال ، لكنه كان خارج التغطية. كلم أبويها في البيت ، فلم يجبه أحد. خرج بسرعة وامتطى سيارته متوجها إلى بيت أهلها. لم تكن هناك أيضا. قالت له أمها بأنها زارتهم قبل ساعة من الآن وكانت متوثرة جدا. وقال أبوها : كانت تبكي بمرارة وهي تغادر البيت ، لكن قبل هذا ، سلمتنا ظرفا وقالت بأن به رسالة.
- ماذا ؟ وأين هو هذا الظرف ؟
ياإلاهي ! ماإن قرأ السيد عدنان الجملة التي كانت مكتوبة على ظهر الظرف حتى أحس بشيء ما ، وكأنه سهم مسموم يخترق جسمه ، وبدأت ضربات قلبه تزداد عن معدلها الطبيعي. جملة زلزلت كل كيانه. كان مكتوبا بأحرف بارزة " لا تفتحوا هذا الظرف إلا بعد موتي "
لم يفهم السيد عدنان معنى هذا الكلام . قال في نفسه " عن أي موت تتحدث ؟ هل في نيتها أن تضع حدا لحياتها ؟ ولم ؟" لم يقل شيئا لأبويها ، ولم يفتح الظرف. خرج على التو متوجها إلى أقرب مخفر للشرطة ليطلعهم على هذا الأمر الذي بدأ يظهر له جليا أنه لايخلو من خطورة.
أظن أن الشيء الذي يثير الفضول الآن هو معرفة ماتضمنته هذه الرسالة ، أليس كذلك ؟ طيب. كتبت هذه المرأة تقول " أنا امرأة سافلة ، منحطة ، عديمة الضمير والأخلاق . . أستحق الرجم حتى الموت. كنت فقيرة فأغناني الله من فضله . . لم يرزقني المال وحسب ، بل رزقني برجل طيب كان يرى في الزوجة والحبيبة والصديقة . . رجل كان يغدق علي من الهدايا مالم أكن أحلم به ، في حين كنت أتمنى موته لأرث ثروته . . رجل منحني كامل الحرية ، ولم يسألني يوما أين كنت ومع من كنت وماذا فعلت ( وكان هذا هو شرطي الأساسي للزواج منه ، والذي كان يحترمه ). رجل أعطاني اسمه ومنحني ثقته . . لكني قابلت كل هذا بالسوء ، وخنت هذه الثقة ، ثقة هذا الزوج الطيب القلب الذي سأتركه قريبا لأرحل إلى دار البقاء. نعم . . إني أستعد للموت . . أنتظره . . أيامي أصبحت معدودة . . هذا ماقاله لي الطبيب الذي كشف عني قبل شهرين من الآن. قال لي بأن الشعور بالإرهاق ، والصداع ، وآلام العضلات ، وآلام الحلق ، والغثيان والتقيؤ ، والإسهال . . كل هذه أعراض للمرحلة الحادة لمرض الايدز ( نعم ، مرض الايدز ! ) والتي يتكاثر فيها الفيروس بشكل سريع ، وينتشر في جميع أنحاء الجسم ، ليدمر خلايا جهاز المناعة المحاربة للالتهابات.
زوجي أيها الرجل الطيب ، لن أطلب منك أن تسامحني ، ولا يجب أن تسامحني . . أنا امرأة حقيرة . . لقد خنتك مع رجال كثيرين . . نعم كثيربن ، وأنا لا أقيم لك وزنا ، ولم تكن إصابتي بمرض الإيدز إلا جزاء من الله لي ، انتقاما لك ولشرفك الذي دنسته وأنا لاأبالي. "
مر الآن اسبوع بالكامل على اختفاءها. مسكين السيد عدنان. كم كان حزينا على فراقها ! تنهد وهو يقول لصديقه " ليتها لم تختف .. ليتها لم تختف .. "
قال له صديقه " وهل كنت ستغفر لها زلتها ؟ " أجاب وهو يتنهد بعمق " أكيد ياأخي ، أكيد .. وإلا فما معنى أني كنت أحبها ! " قال صديقه ، وقد جحظت عيناه " لكنها كانت تخونك ! ! " فقال " حسابها عند رب العالمين ، أما أنا .. "
سكت الرجلان عن الكلام . في نفس الثانية ، سمعا معا الهاتف الداخلي للفيلا يرن .. كانت هي !
فتح السيد عدنان الباب بسرعة وكل مفاصله ترتعش . كان وجهها شاحبا ، وكان يخيل له أن لون عينيها قد تغير.
- لا .. لا تلمسني .. أخاف عليك من العدوى !
- هراء ، العدوى لا تنتقل عن طريق اللمس ! هيا ، تفضلي .. ادخلي !
- أدخل .. أنا لم آت هنا لأدخل ! جئت فقط لأقول لك شيئا ظننت أنه من حقك أن تعرفه.
- ماذا ؟ وما هو هذا الشيء ؟
نظرت إليه بعمق ، وكأنها تراه لأول مرة ، ثم قالت :
- لقد اكتشفت .. اكتشفت .. ( لم تعد تقوى على الكلام )
- اكتشفت ماذا .. هيا ، تكلمي !
لم تقل شيئا . اغرورقت عيناها دموعا وهي تنظر إليه ، ثم سقطت من طولها ، وقد أغمي عليها. ياإلاهي ، ماالعمل ؟ كان الرجلان يرتبكان وهما ينظران إليها بغرابة ، دون أدنى فكرة لإسعافها. هاهي تفتح عينيها ، وقد دبت الحياة من جديد في جسدها. قالت بصوت ضعيف جدا :
- اكتشفت أني .. كنت أحبك.
- ماذا .. كنت تحبينني ؟ !
- لكن كبريائي لم يكن يسمح لي بأن أقول لك ذلك.
- عجيب أمرك ! أنا أعرف أن الذي يحب لا يمكن أن يخون ؛ فلم كنت تخونينني ؟
- لست أدري .. لست أدري .. لكن رغم خيانتي لك ، فلقد كان حبي لك يزداد يوما بعد يوم.
- هه .. لايمكن أن يكون هذا صحيحا !
- لا ، صحيح .. والله صحيح ! أحببت فيك طيبوبتك ورجولتك وشهامتك .. أحببت فيك كل شيء .. وما زلت أحبك. "
هاهي تسكت فجأة عن الكلام. هاهو قلبها يتوقف عن النبض.
- مابك ؟ لم سكت عن الكلام ؟ هيا ، أكملي ! اسمعيني جيدا .. سآخذك إلى أوروبا ، أو إلى أمريكا .. سمعت أن هناك مستشفيات متخصصة في علاج مرض الإيدز. ستعودين كما كنت أو أحسن !
لاإله إلا الله ! لم ينتبه السيد عدنان : لقد ماتت المرأة. لقد فارقت الحياة. كان المسكين يكلم نفسه ويبكي كطفل صغير. لقد كان يحبها أكثر مما كان يحب نفسه.
تمت عملية الدفن. هاهو يعود الى البيت والدموع لاتكاد تفارق عينيه. لقد أدمى الفراق قلبه ، ولم يكن يستبعد ان روحه ستزهق منه في أية لحظة. وهو يغادر المكان ، تذكر آخر شيء قالته له ، وهي تصارع الموت. قالت له ، وروحها تتسلل إلى خارج جسدها " أحببت فيك كل شيء .. وما زلت أحبك "
انحنى على قبرها وقال بصوت غير مسموع " وأنا سأظل أحبك .. حتى وأنت تحت التراب ! "
مصطفى دهور. أستاذ اللغة الفرنسية.
الدار البيضاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق