سارية بن زنيم وقصة يا سارية الجبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 17-11-2018
هو سارية بن زنيم بن عمرو بن عبد الله بن جابر بن محمية بن عبد بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الدئلي الكناني.صحابي مخضرم شهد الجاهلية والإسلام
كان سارية في الجاهلية خليعًا من قومه، أي لصًّا كثير الغارة، وكان عداء يسبق الفرس عدوًا على رجليه
ليس معلوماً بالضبط متى أسلم، والراجح أنه أسلم متأخراً لعدم ورود اسمه بين الصحابة الذين شهدوا بدراً أو أحداً أو الخندق، ولكن موقفه مع ابن أخيه (أسيد بن أبي أناس) يدل على أنهُ أسلم قبيل الفتح وقد حسن إسلامه، وقيل أنه تابعي روى عن النبي محمد ولم يرهُ والأصح على أن لهُ صحبة لعدم إعطاء إمارات الجيوش في ذلك الوقت إلا للصحابة
لما قدم وفد بني عبد بن عدي بن الدئل من قبيلة كنانة على النبي محمد ومعهم رهط من قومهم قالوا للرسول: "إنا لانريد قتالك ولو قاتلت غير قريش لقاتلنا معك". ثم أسلموا واستأمنوا لقومهم سوى رجل منهم أهدر النبي دمه يقال له أسيد بن أبي أناس بن زنيم، فبلغ أسيداً ذلك فأتى الطائف وأقام بها حتى كان عام فتح مكة فخرج سارية بن زنيم إلى الطائف وقال له: "يا ابن أخي اخرج إليه فإنه لا يقتل من أتاه". فخرج سارية بابن أخيه أسيد إلى النبي محمد فأسلم ووضع يده في يده، فأمَّنه النبي . فقال أسيد في هذا شعراً منه:
فما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محمد
حادثة ياسارية الجبل الجبل
ــــــــــــــــــــ حادثة "يا سارية الجبل": هي حادثة مروية ضمن التراث الإسلامي عن القدرة على التخاطر حدثت للصحابي سارية بن زنيم الدؤلي الكناني ببلاد فارس في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
ويروي المؤرخون المسلمون أن الحادثة وقعت حوالي عام 645 ميلادية (23 هـ) أثناء خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب . ويعتبر الذين يعتقدون بصحة هذه الحادثة في يومنا هذا أنها تشكل مثالاً تاريخياً على القدرة على التخاطر. وهي مشهورة باسم "يا سارية الجبل".
تفاصيل الحادثة
ــــــــــــــــــ كان سارية بن زنيم الدؤلي الكناني أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد بلاد فارس سنة 645 م/23هـ، وبينما كان يقاتل المشركين على أبواب نهاوند في بلاد الفرس تكاثر عليه الأعداء. وفي نفس اليوم، كان أمير المؤمنيين عمر بن الخطاب يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة، فإذا بعمر (رضي الله عنه) ينادي بأعلى صوته أثناء خطبته: "يا سارية الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم".
وبعد انتهاء الخطبة تقدم الناس نحو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسألوه عن هذا الكلام فقال: "والله ماألقيت له بالاً، شيءٌ أتى على لساني."
ثم قالوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان حاضراً: "ما هذا الذي يقوله أمير المؤمنين؟ وأين سارية منّا الآن؟"
فقال: "ويحكم! دعوا عمر فإنه ما دخل في أمر إلا خرج منه".
ثم ما لبث أن تبينت القصة فيما بعد، فقد قدم سارية على عمر في المدينة فقال: "يا أمير المؤمنين، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم، فسمعت صوتاً ينادي: "يا سارية الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم". عندئذ التجأت بأصحابي إلى سفح جبل واتخذت ذروته درءاً لنا يحمي مؤخرة الجيش، وواجهنا الفرس من جهة واحدة، فما كانت إلا ساعة حتى فتح الله علينا وانتصرنا عليهم".
وفي رواية أخرى قيل أن عمر كان يخطب على مِنْبر النبي محمد يوم الجمعة، فعرض له في خطبتهِ أن قال: (يا ساريةُ، الجبلَ الجبلَ، من استرعى الذئب ظلم). فالتفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي بن أبي طالب: ليخرجن مما قال، فلما فرغ من صلاته قال لهُ عليّ: ما شيء سَنَح لك في خُطْبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: (يا ساريةُ، الجبلَ، الجبلَ، من استرعى الذئب ظلم)، قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم. قال: وقع في خَلَدي أن المشركين هَزَموا إخواننا فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا، وقد ظفروا، وإن جاوزوا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته. قال: فجاء البشير بالفَتْح بعد شهر، فذكر أنه سمع في ذلك اليوم، في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل، صوتًا يشبه صوت عمر: يا ساريةُ، الجبلَ الجبلَ، قال: فعدلنا إليه، ففتح الله علينا
ما كتبه المؤرخون
ـــــــــــــــــــــ ذكر سيف عن مشايخه: أن سارية بن زنيم قصد فسا ودار أبجرد، فاجتمع له جموع - من الفرس والأكراد - عظيمة، ودهم المسلمين منهم أمر عظيم وجمع كثير، فرأى عمر في تلك الليلة فيما يرى النائم معركتهم وعددهم في وقت من النهار، وأنهم في صحراء وهناك جبل إن أسندوا إليه لم يؤتوا إلا من وجه واحد، فنادى من الغد الصلاة جامعة، حتى إذا كانت الساعة التي رأى أنهم اجتمعوا فيها، خرج إلى الناس وصعد المنبر، فخطب الناس وأخبرهم بصفة ما رأى، ثم قال: يا سارية الجبلَ الجبلَ، ثم أقبل عليهم، وقال: إن لله جنودا ولعل بعضها أن يبلغهم.
قال: ففعلوا ما قال عمر، فنصرهم الله على عدوهم، وفتحوا البلد.
وذكر سيف في رواية أخرى عن شيوخه: أن عمر بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ قال: يا سارية بن زُنَيم، الجبلَ الجبلَ.
فلجأ المسلمون إلى جبل هناك فلم يقدر العدو عليهم إلا من جهة واحدة فأظفرهم الله بهم، وفتحوا البلد.
وغنموا شيئا كثيرا، فكان من جملة ذلك سفط من جوهر فاستوهبه سارية من المسلمين لعمر، فلما وصل إليه مع الأخماس قدم الرسول بالخمس، فوجد عمر قائما في يده عصا وهو يطعم المسلمين سماطهم، فلما رآه عمر قال له: اجلس - ولم يعرفه - فجلس الرجل فأكل مع الناس، فلما فرغوا انطلق عمر إلى منزله واتبعه الرجل، فاستأذن فأذن له وإذا هو قد وضع له خبز وزيت وملح، فقال: ادن فكل.
قال: فجلست فجعل يقول لامرأته: ألا تخرجين يا هذه فتأكلين؟
فقالت: إني اسمع حس رجل عندك.
فقال: أوما ترضين أن يقال أم كلثوم بنت عمر على وامرأة عمر.
فقالت: ما أقل غناء ذلك عني.
ثم قال للرجل: ادن فكل، فلو كانت راضية لكان أطيب مما ترى. فـأكلا فلما فرغا قال: أنا رسول سارية بن زُنَيْم يا أمير المؤمنين.
فقال: مرحبا وأهلا، ثم أدناه حتى مست ركبته ركبته، ثم سأله عن المسلمين، ثم سأله عن سارية بن زنيم فأخبره، ثم ذكر له شأن السفط من الجوهر، فأبى أن يقبله، وأمر برده إلى الجند.
وقد سأل أهل المدينة رسول سارية عن الفتح فأخبرهم فسألوه: هل سمعوا صوتا يوم الوقعة؟
قال: نعم. سمعنا قائلا يقول: يا سارية الجبل، وقد كدنا نهلك فلجأنا إليه، ففتح الله.
ثم رواه سيف: عن مجالد، عن الشعبي بنحو هذا.
وقال عبد الله بن وهب: عن يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر وجه جيشا، ورأس عليهم رجلا يقال له: سارية، قال: فبينما عمر يخطب فجعل ينادي: يا ساري الجبل يا ساري الجبل، ثلاثا.
ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا، فبينما نحن كذلك إذا سمعنا مناديا: يا سارية الجبل ثلاثا، فأسندنا ظهورنا بالجبل، فهزمهم الله.
قال: فقيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك.
وهذا إسناد جيد حسن.
وقال الواقدي: حدثني نافع بن أبي نعيم، عن نافع مولى ابن عمر أن عمر قال على المنبر: يا سارية بن زنيم الجبل، فلم يدر الناس ما يقول حتى قدم سارية بن زنيم المدينة على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، كنا محاصري العدو فكنا نقيم الأيام لا يخرج علينا منهم أحد، نحن في خفض من الأرض وهم في حصن عال، فسمعت صائحا ينادي بكذا وكذا: يا سارية بن زنيم الجبل، فعلوت بأصحابي الجبل، فما كان إلا ساعة حتى فتح الله علينا.
وقد رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي: من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه، وفي صحته من حديث مالك نظر.
وقال الواقدي: حدثني أسامة بن زيد، عن أسلم، عن أبيه، وأبو سليمان، عن يعقوب بن زيد قالا: خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة إلى الصلاة، فصعد المنبر ثم صاح: يا سارية بن زنيم الجبل، يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، ثم خطب حتى فرغ.
فجاء كتاب سارية إلى عمر: أن الله قد فتح علينا يوم الجمعة ساعة كذا وكذا - لتلك الساعة التي خرج فيها عمر فتكلم على المنبر - قال سارية:
فسمعت صوتا: يا سارية بن زنيم الجبل، يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، فعلوت بأصحابي الجبل، ونحن قبل ذلك في بطن واد، ونحن محاصروا العدو، ففتح الله علينا.
فقيل لعمر بن الخطاب: ما ذلك الكلام؟.
فقال: والله ما ألقيت له إلا بشيء ألقي علي لساني.
فهذه طرق يشد بعضها بعضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 17-11-2018
هو سارية بن زنيم بن عمرو بن عبد الله بن جابر بن محمية بن عبد بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الدئلي الكناني.صحابي مخضرم شهد الجاهلية والإسلام
كان سارية في الجاهلية خليعًا من قومه، أي لصًّا كثير الغارة، وكان عداء يسبق الفرس عدوًا على رجليه
ليس معلوماً بالضبط متى أسلم، والراجح أنه أسلم متأخراً لعدم ورود اسمه بين الصحابة الذين شهدوا بدراً أو أحداً أو الخندق، ولكن موقفه مع ابن أخيه (أسيد بن أبي أناس) يدل على أنهُ أسلم قبيل الفتح وقد حسن إسلامه، وقيل أنه تابعي روى عن النبي محمد ولم يرهُ والأصح على أن لهُ صحبة لعدم إعطاء إمارات الجيوش في ذلك الوقت إلا للصحابة
لما قدم وفد بني عبد بن عدي بن الدئل من قبيلة كنانة على النبي محمد ومعهم رهط من قومهم قالوا للرسول: "إنا لانريد قتالك ولو قاتلت غير قريش لقاتلنا معك". ثم أسلموا واستأمنوا لقومهم سوى رجل منهم أهدر النبي دمه يقال له أسيد بن أبي أناس بن زنيم، فبلغ أسيداً ذلك فأتى الطائف وأقام بها حتى كان عام فتح مكة فخرج سارية بن زنيم إلى الطائف وقال له: "يا ابن أخي اخرج إليه فإنه لا يقتل من أتاه". فخرج سارية بابن أخيه أسيد إلى النبي محمد فأسلم ووضع يده في يده، فأمَّنه النبي . فقال أسيد في هذا شعراً منه:
فما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محمد
حادثة ياسارية الجبل الجبل
ــــــــــــــــــــ حادثة "يا سارية الجبل": هي حادثة مروية ضمن التراث الإسلامي عن القدرة على التخاطر حدثت للصحابي سارية بن زنيم الدؤلي الكناني ببلاد فارس في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
ويروي المؤرخون المسلمون أن الحادثة وقعت حوالي عام 645 ميلادية (23 هـ) أثناء خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب . ويعتبر الذين يعتقدون بصحة هذه الحادثة في يومنا هذا أنها تشكل مثالاً تاريخياً على القدرة على التخاطر. وهي مشهورة باسم "يا سارية الجبل".
تفاصيل الحادثة
ــــــــــــــــــ كان سارية بن زنيم الدؤلي الكناني أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد بلاد فارس سنة 645 م/23هـ، وبينما كان يقاتل المشركين على أبواب نهاوند في بلاد الفرس تكاثر عليه الأعداء. وفي نفس اليوم، كان أمير المؤمنيين عمر بن الخطاب يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة، فإذا بعمر (رضي الله عنه) ينادي بأعلى صوته أثناء خطبته: "يا سارية الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم".
وبعد انتهاء الخطبة تقدم الناس نحو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسألوه عن هذا الكلام فقال: "والله ماألقيت له بالاً، شيءٌ أتى على لساني."
ثم قالوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان حاضراً: "ما هذا الذي يقوله أمير المؤمنين؟ وأين سارية منّا الآن؟"
فقال: "ويحكم! دعوا عمر فإنه ما دخل في أمر إلا خرج منه".
ثم ما لبث أن تبينت القصة فيما بعد، فقد قدم سارية على عمر في المدينة فقال: "يا أمير المؤمنين، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم، فسمعت صوتاً ينادي: "يا سارية الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم". عندئذ التجأت بأصحابي إلى سفح جبل واتخذت ذروته درءاً لنا يحمي مؤخرة الجيش، وواجهنا الفرس من جهة واحدة، فما كانت إلا ساعة حتى فتح الله علينا وانتصرنا عليهم".
وفي رواية أخرى قيل أن عمر كان يخطب على مِنْبر النبي محمد يوم الجمعة، فعرض له في خطبتهِ أن قال: (يا ساريةُ، الجبلَ الجبلَ، من استرعى الذئب ظلم). فالتفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي بن أبي طالب: ليخرجن مما قال، فلما فرغ من صلاته قال لهُ عليّ: ما شيء سَنَح لك في خُطْبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: (يا ساريةُ، الجبلَ، الجبلَ، من استرعى الذئب ظلم)، قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم. قال: وقع في خَلَدي أن المشركين هَزَموا إخواننا فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا، وقد ظفروا، وإن جاوزوا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته. قال: فجاء البشير بالفَتْح بعد شهر، فذكر أنه سمع في ذلك اليوم، في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل، صوتًا يشبه صوت عمر: يا ساريةُ، الجبلَ الجبلَ، قال: فعدلنا إليه، ففتح الله علينا
ما كتبه المؤرخون
ـــــــــــــــــــــ ذكر سيف عن مشايخه: أن سارية بن زنيم قصد فسا ودار أبجرد، فاجتمع له جموع - من الفرس والأكراد - عظيمة، ودهم المسلمين منهم أمر عظيم وجمع كثير، فرأى عمر في تلك الليلة فيما يرى النائم معركتهم وعددهم في وقت من النهار، وأنهم في صحراء وهناك جبل إن أسندوا إليه لم يؤتوا إلا من وجه واحد، فنادى من الغد الصلاة جامعة، حتى إذا كانت الساعة التي رأى أنهم اجتمعوا فيها، خرج إلى الناس وصعد المنبر، فخطب الناس وأخبرهم بصفة ما رأى، ثم قال: يا سارية الجبلَ الجبلَ، ثم أقبل عليهم، وقال: إن لله جنودا ولعل بعضها أن يبلغهم.
قال: ففعلوا ما قال عمر، فنصرهم الله على عدوهم، وفتحوا البلد.
وذكر سيف في رواية أخرى عن شيوخه: أن عمر بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ قال: يا سارية بن زُنَيم، الجبلَ الجبلَ.
فلجأ المسلمون إلى جبل هناك فلم يقدر العدو عليهم إلا من جهة واحدة فأظفرهم الله بهم، وفتحوا البلد.
وغنموا شيئا كثيرا، فكان من جملة ذلك سفط من جوهر فاستوهبه سارية من المسلمين لعمر، فلما وصل إليه مع الأخماس قدم الرسول بالخمس، فوجد عمر قائما في يده عصا وهو يطعم المسلمين سماطهم، فلما رآه عمر قال له: اجلس - ولم يعرفه - فجلس الرجل فأكل مع الناس، فلما فرغوا انطلق عمر إلى منزله واتبعه الرجل، فاستأذن فأذن له وإذا هو قد وضع له خبز وزيت وملح، فقال: ادن فكل.
قال: فجلست فجعل يقول لامرأته: ألا تخرجين يا هذه فتأكلين؟
فقالت: إني اسمع حس رجل عندك.
فقال: أوما ترضين أن يقال أم كلثوم بنت عمر على وامرأة عمر.
فقالت: ما أقل غناء ذلك عني.
ثم قال للرجل: ادن فكل، فلو كانت راضية لكان أطيب مما ترى. فـأكلا فلما فرغا قال: أنا رسول سارية بن زُنَيْم يا أمير المؤمنين.
فقال: مرحبا وأهلا، ثم أدناه حتى مست ركبته ركبته، ثم سأله عن المسلمين، ثم سأله عن سارية بن زنيم فأخبره، ثم ذكر له شأن السفط من الجوهر، فأبى أن يقبله، وأمر برده إلى الجند.
وقد سأل أهل المدينة رسول سارية عن الفتح فأخبرهم فسألوه: هل سمعوا صوتا يوم الوقعة؟
قال: نعم. سمعنا قائلا يقول: يا سارية الجبل، وقد كدنا نهلك فلجأنا إليه، ففتح الله.
ثم رواه سيف: عن مجالد، عن الشعبي بنحو هذا.
وقال عبد الله بن وهب: عن يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر وجه جيشا، ورأس عليهم رجلا يقال له: سارية، قال: فبينما عمر يخطب فجعل ينادي: يا ساري الجبل يا ساري الجبل، ثلاثا.
ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا، فبينما نحن كذلك إذا سمعنا مناديا: يا سارية الجبل ثلاثا، فأسندنا ظهورنا بالجبل، فهزمهم الله.
قال: فقيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك.
وهذا إسناد جيد حسن.
وقال الواقدي: حدثني نافع بن أبي نعيم، عن نافع مولى ابن عمر أن عمر قال على المنبر: يا سارية بن زنيم الجبل، فلم يدر الناس ما يقول حتى قدم سارية بن زنيم المدينة على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، كنا محاصري العدو فكنا نقيم الأيام لا يخرج علينا منهم أحد، نحن في خفض من الأرض وهم في حصن عال، فسمعت صائحا ينادي بكذا وكذا: يا سارية بن زنيم الجبل، فعلوت بأصحابي الجبل، فما كان إلا ساعة حتى فتح الله علينا.
وقد رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي: من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه، وفي صحته من حديث مالك نظر.
وقال الواقدي: حدثني أسامة بن زيد، عن أسلم، عن أبيه، وأبو سليمان، عن يعقوب بن زيد قالا: خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة إلى الصلاة، فصعد المنبر ثم صاح: يا سارية بن زنيم الجبل، يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، ثم خطب حتى فرغ.
فجاء كتاب سارية إلى عمر: أن الله قد فتح علينا يوم الجمعة ساعة كذا وكذا - لتلك الساعة التي خرج فيها عمر فتكلم على المنبر - قال سارية:
فسمعت صوتا: يا سارية بن زنيم الجبل، يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، فعلوت بأصحابي الجبل، ونحن قبل ذلك في بطن واد، ونحن محاصروا العدو، ففتح الله علينا.
فقيل لعمر بن الخطاب: ما ذلك الكلام؟.
فقال: والله ما ألقيت له إلا بشيء ألقي علي لساني.
فهذه طرق يشد بعضها بعضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق