الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

تحرير المرأة
بوادر تحرير المرأة عربيا بدأت نهاية القرن التاسع عشر الميلادي خلال العهد العثماني ، من البلدان العربية التي كانت سبّاقة الى  ذلك هي مصر و سوريا و العراق ، في مصر ظهرت تلك البوادر بدعم من رجال الدين المتنورين على يد الشيخ ( محمد عبدة) تلميذ المصلح السيّد (جمال الدين الأفغاني) و تبلورت بعد الأنقلاب العثماني 1908 على يد طبقة مثقفة و متنورة من النساء ، بوادر النهضة النسائية بدأت على شكل صالونات ادبية و سياسية و اجتماعية ، اول صالون هو للأميرة (نازلي فاضل) في القاهرة و كان سياسي اجتماعي فرنسي يرتاده (محمد عبده) و(قاسم امين) و( سعد زغلول) ، التجربة الثانية في مجال الصالونات هي صالون الأديبة مي زيادة ( 1886 ــ 1941) كل ثلاثاء في مبنى جريدة الأهرام في شارع مظلوم باشا بالقاهرة ، روّاده كان كل من الشاعر ( خليل مطران) و الكاتب (شبلي شمّيل) و الأديب (د.طه حسين) والكاتب ( احمد زكي باشا) و الشاعر (احمد شوقي) و الشاعر ( حافظ ابراهيم) والشيخ(رشيد رضا) و الكاتب( عباس محمود العقاد) و الكاتب ( يعقوب صرّوف) و الكاتب ( سلامة موسى) والكاتب ( عبد القادر المازني) ، حمل لواء تحرير المرأة في مصر هما المصلح الأجتماعي (قاسم امين) و(جمال البنّا) ، قاسم امين قام بتأليف كتابين في ذلك الوقت الأول هو (تحرير المرأة) نشره عام 1899 بدعم من الشيخ (محمد عبده) والسياسي ( سعد زغلول) والكاتب (احمد لطفي السيد) ، والكتاب الثاني هو ( المرأة الجديدة) نشره عام 1900، بعدها جاء دور الناشطة (هدى الشعراوي) التي كوّنت آنذاك الأتحاد النسائي المصري عام 1924 ، المرأة في مصر اشتركت في ثورة 1919 و قامت بحركة سياسية 20/3/1919 ، ناشطة اخرى في قضية تحرير المرأة هي الطبيبة و الكاتبة (د. نوال السعداوي) التي الّفت روايتها المثيرة للجدل ( سقوط الأمام) ومسرحيتها المثيرة للجدل ايضا ( الأله يقدّم استقالته من اجتماع القمّة) والتي اتلفت من مكتبة مدبولي بمصر ، السعداوي سجنت عام 1981 بسبب انتقادها نظام السادات،  من  دعاة تحرير المرأة في مصر(محمد عبده) و(سعد زغلول)و(صفية زغلول)و(دريّة شفيق) و(هدى شعراوي) و(سهير القلماوي) و(امينة السعيد) ، بلد عربي آخر حملت المرأة المثقفة فيه مشعل التحرر هو سوريا اذ كانت الأديبة مريانا مراش( 1849 ـــ1919) اوّل اديبة سورية ظهرت في الشعر والأدب لها صالون ادبي الوحيد من نوعه في الشرق ، سافرت الى اوربا و اطّلعت على معالم الحضارة ، روّاد صالونها (قسطاكي الحمصي) و(جبرائيل الدلال) و(كامل الغزي) ، مجلسها ادبي فني ،ثمّ كان الدور للسيدة ( نور حمادة) زعيمة النهضة النسائية في سوريا ترأست عام 1932المؤتمر النسائي الشرقي العام الذي اقيم في طهران ،من الأديبات المعاصرات اللواتي  خرجن  على التقليد الموروث والأصفاد هي ( غادة السمّان) نموذج للمرأة المتحررة ، قالت من خلال رواياتها ( انّ حرية المرأة تعتمد على حرية الرجل و انّ الرجل المستعبد له امرأة مستعبدة وان  لا امرأة حرّة بدون رجل حرّ ولا امرأة حرّة في مجتمع مستعبد) ، من البلدان العربية المنفتحة هو لبنان الذي عرف فيه المفكّر (محمد جميل بيهم) ابرز المدافعين عن حقوق المرأة العربية ، زار بغداد عام 1923 والقى محاضرة عن ذلك ، في العراق تصدّى الشعراء لقضية تحرير المرأة ، ففي يوم 7/8/ 1910 نشرت جريدة المؤيد المصرية الأسبوعية مقال للشاعر العراقي (جميل صدقي الزهاوي) بعنوان ( المرأة والدفاع عنها) دعى فيه الى رفع الحجاب عن المرأة و حدّد عشر مضار للحجاب ، عندما وصل مقال الزهاوي الى بغداد نشرها الشيخ( نعمان الأعظمي ) في مجلة تنوير الأفكار حدث ضجّة و على اثر ذلك خرجت جماهير بغداد تطالب الوالي العثماني ( ناظم باشا) بعزل الزهاوي عن التدريس و الذي كان يعمل مدرّس في مجلة الأحكام العدلية في مدرسة الحقوق ، بقي الزهاوي في البيت بعدها تنصّل عن المقال ، كما طلب السيد( مصطفى الواعظ) من الوالي حسين ناظم باشا عزل الزهاوي فتمّ فصله لأنه طالب بتحرير المرأة ، صدرت ردود افعال على ذلك منها ان ردّ الشيخ ( محمد سعيد النقشبندي) على الزهاوي فأصدر كتاب( السيف البارق في عنق المارق) ، من الذين ناصروا الزهاوي في دعوته للسفور هو الشاعر ( معروف عبد الغني الرصافي ) و تولّى قيادة معركة السفور ، الناشطة (بولينا حسّون) وقفت الى جانب الرصافي ، امّا الذين وقفوا ضدّه فهم السيد( ابراهيم الراوي) الذي كفّر الرصافي ورجل الدين المتشدّد ( محمد بهجت الأثري) الذي هاجم الرصافي واتّهمه بالكفر والضلال ، كان الفضل بالدعوة الى السفور للسيدة ( معزز برتو) مديرة مدرسة البارودية الأبتدائية في بغداد عام 1924 عندما سمحت للطالبات بأستقبال الملك غازي قادما من امارة شرق الأردن يوم 5/10/1924 وهن سافرات في زيّ الكشّافة تتقدمهن طالبتان بالعلم العراقي ، ظهرت نساء اخريات طالبن بتحرير المرأة عام 1930 منهنّ ( رفعة الخطيب) و(امينة الرحال) و دعون الى استقلال المرأة ، في الوقت الذي كانت فيه امينة طالبة في معهد المعلمات شاركت في المؤتمر النسوي الثاني بدمشق عام 1930 مع (جميلة الجبوري) لتمثيل العراق، في ذلك الوقت كان من مناصري المرأة الشاعر ( بسيم الذويب) ، من النساء المثقفات المتنورات اللواتي برزن بالعراق في وقت مبكر من القرن الماضي هي صبيحة الشيخ داود( 1912 ـــ 1975) التي ارسلها والدها الشيخ ( احمد داود النقشبندي) وزير الأوقاف آنذاك للدراسة في اوّل مدرسة للبنات في بغداد عام 1918 ، صبيحة مثّلت دور الخنساء في مهرجان سوق عكاظ يوم 24/2/ 1922 برعاية فيصل الأول ملك العراق و الذي اجلسها بجانبه ، وكانت اوّل امرأة تقيم صالون ادبي ، لها كتاب ( اول الطريق الى النهضة النسوية في العراق) ، ثمّ جاء دور المحامية ( امينة الرحال ) في قيادة السيّارة اذ كانت اوّل امرأة تقود سيارة في شارع الرشيد ببغداد عام 1943 ، وكانت اول امرأة سافرة مع السيدة ( ماجدة الحيدري ) في ثلاثينات القرن الماضي  ، العراقية ( لؤلؤ ) ثاني امرأة تحصل على اجازة سياقة 1931 ، من النساء السياسيات في العراق د. نزيهة الدليمي ( 1923 ــ 2007) التي شغلت منصب وزيرة البلديات وشرّعت قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 من افضل القوانين في الوطن العربي ، في بداية السبعينات من القرن الماضي وفي مدن دينية ومقدّسة كالكاظمية والنجف كسرت حاجز الخوف الشهيدة بنت الهدى (1935 ــ 1980) العالمة والأديبة بأقامتها مجلس ثقافي شهري في بيت زلزلة عام 1972 ببغداد ، وتأسيسها مدارس الزهراء الأهلية للبنات في النجف والكاظمية ، بعد التغيير عام 2003 الذي حصل في العراق احيت المرأة المثقفة المجالس الثقافية في بغداد مثل مجلس د.آمال كاشف الغطاء و مجلس د.صباح التميمي و مجلس السفيرة صفية السهيل ومجلس خيال الجواهري ، كذلك دخلت المرأة معترك السياسة و شاركت بالبرلمان ، مثلا في الحكومة الأنتقالية بالعراق عام 2004 كانت للنساء ثمان حقائب وزارية ، و في البرلمان الحالي 2014ــ 2018 هناك 83 امرأة ،فضلا عن نظام الكوتا وتمثيلهن في مجالس المحافظات ، من النساء الناشطات حاليا د.سهام الشجيري و سعاد اللامي و امل كباشي .
الكاتب محمود محمد سهيل الجبوري ــ العراق ــ بابل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...