الاثنين، 6 يناير 2020

إبداع تحت الأضواء.... إعداد وتقديم الاستاذ عبد المجيد زين العابدين

إبداع تحت الأضواء
                                                                                             للشاعرة نسرين بدر 

سهم العيون
**********
سَـهــمٌ بـعــيْـنـيــهِ أراهُ حَـنــونــا
أوحــى لـقـلبـي أن يذوب شجـونا
هَــامـتْ عُـيـوني تسـتبيحُ ضياءَه
واجـتـاحَـنـي شَـوقٌ يثـورُ جُـنـونا
مــالَ الـهـوى مُــتَـحيـِّراً لـوداعــهِ
يبـكــي غــرامـاً صـامـتـاً مَـفـتُـونا
أسَرَتْ عُيونُكَ مُهجتي و مشاعري
فـطَـفَـقْـتُ أنـثـرُ دُرَّهـا المكـنــونـا
**************************
لـمـلـمْ هَــواكَ على هـوايَ فطـالما
ألـفَـيْـتُ قـلبـي في هَواك سَـجـينا
لاقـيتُ فِـيـكَ لظى الـغــرام ونـارَه
و بـقــيـتُ أنتـظــرُ اللـقـاءَ قُــرونـا
قَدْ لاحَ طَيفُكَ في الظلامِ لناظـري
لكـنْ خـشـيتُ بأن يكــون ظـنــونا
******************************
ياويـلـتـي تـاقَ الحَـنينُ لهـمْــســهِ
كــمْ كُـنـتَ عِـشـقـاً وافياً ومُعـينـا
وسـألتهُ هـلْ كُـنتَ جنَّةَ مُهجـتي؟
حـتَّـى نـمـا فـيَّ الــهــوى نِـسـرينا
نـاديـتُ ياحُـــبَّــاً تَـعــالــى أيـكُــه
حــتَّـى تُـزَيِّــن بالثّـمـارِ غـُـصــونـا
لـمَّـا رأيـتُ تُـراب قـلـبـي ظامــئــاً
ألـفـيـتُ حُــبَّـكَ أنـهـراً و عـُــيــونا
الشاعرة / نسرين بدر
1- التَّقْدِيمُ :
 هَذَا الْقَصِيدُ مِنْ تَأْلِيفِ الشَّاعِرَةِ نِسْرِينَ بَدْرٍ وَعِنْوَانُهُ: سَهْمُ الْعُيُونِ،
2- مَوْضُوعُ الْقَصِيدِ :
 وَمَوْضُوعُهُ الْغَزَلُ وَمَعْنَاهُ فِي هَذَا الْقَصِيدِ مُخَاطَبَةُ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ عَلَى  خِلَافِ مَا اِعْتَادَهُ الْعَرَبِيُّ قَدِيمًا .كَانَ الْغَزَلُ حِكْرًا عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ.
  3- الوَزْنُ:
   وَرَدَ القَصِيدُ عَلَى بَحْرٍ مِنَ الْبُحُورِ الْخَلِيلِيَّةِ ،وَهْوَ بَحْرُ الْكَامِلِ ،وَتَفْعِيلَاتُهُ :مُتَفَاعِلُنْ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ  فِي الصَّدْرِ وَمِثْلُهَا فِي الْعَجُزِ)،وَقَدِ
اِسْتَعْمَلَتْهُ صَاحِبَةُ النَّصِّ بِصُورَةٍ كَامِلَةٍ .
*التَّغْيِيرَاتُ:
أ‌- الزِّحَافَاتُ :
وَقَعَ تَسْكِينُ التَّاءِ فِي تَفْعِيلَةِ :مُتَفَاعِلُنْ ،فَتَصِيرُ مُتْفَّاعِلُنْ أَيْ مُسَاِويَةً لِتَفْعِيلَةِ الرَّجُزِ :مُسْتَفْعِلُنْ ، وذلك في أغلب أبيات القصيد من ذلك مثلا  :سَهْمٌ بِعَيْـــ - أَوْحَى لِقَلْــ  - هامت عيو – كل من هَذِهِ الْمُرَكَّبَاتُ الثَّلَاثَةُ تَزِنُ عَلَى مُتْفَّاعِلُنْ ، وَهْيَ عَلَى وَزْنِ مُسْتَفْعِلُنْ .
ب‌- أَضْرُبُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ جَاءَت عَلَى وَزْنِ :مُتْفَاعِلْ بِتَسْكِينِ الَّلامِ ،مرَّاتٍ  مَفْتُوحَةُ التَّاءِ وَأُخْرَى سَاكِنَتُهَا  مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ تَسْكِينَ التَّاءِ بَعْدَ الْمِيمِ المَضْمُومَةِ يُعْتَبَرُ زِحَافًا فَقَطْ . 
3- عَنَاصِرُهُ الْأَسَاسِيَّةُ :
يُمْكِنُ تَقْسِيمُ هَذَا الْقَصِيدِ إِلَى ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ :
أ‌- مِنْ قَوْلِهَا : سَهْمُ  ...إِلَى :الْمَكْنُونَا [الْبَيْتُ الرَّابِعُ ] :أَثَرُ الْمُوَدِّعِ فِي نَفْسِ مُوَدِّعَتِهِ .
    ب – مِنْ قَوْلِهَا :لَمْلِمْ .....إِلَى : ظُنُونَا [ الْبَيْتُ السَّابِعُ] : خِطَابُ الْمُوَدِّعَةِ لِمُوَدِّعِهَا وَإِشْعَارُهُ بِقُرْبِهَا مِنْهُ.
   ج – الْبَقِيَّةُ: مِنْ قَوْلِهَا : يَا وَيْلَتِي ...إِلَى قَوْلِهَا :وَعُيُونَا أَيْ نِهَايَةِ النَّصِّ[وَهْوَ الْبَيْتُ الْحَادِي عَشَرَ]: إِفْصَاحُ الْمُوَدِّعَةِ عَنْ هُيَامِهَا بِمُوِّدِعِهَا .


4- الشَّاعِرَةُ نِسْرِينُ بَدْر :
هَذَا ،وَإِنَّ الشَّاعِرَةَ مِنَ الْحِرَفِيَّةِ بِمَكَانٍ ،تَتَحَكَّمُ في قلمها إلى حدٍّ بعيدٍ ،وخَيَالُهَا يُعِينُهَا على التَّوجُّهِ بِمِثْلِ مَا يُمْلِيهِ عليها خطابُهَا ،فهي تَسْتَهِلُّ نَصَّهَا بِالتَّعْمِيمِ ، وذلك من خلال اِسْتِعْمَالِهَا ضميرَ الْغائبِ المُذَكَّرِ،وهي الدَّرِيّة بأهدافها فلا تتحدث عن الشَّخْصِ  كَشَخْصٍ ،وإنَّمَا تتحدَّث  عنْ عينِ محبوبها  وما قد تفرزه من شدة الأثر في قلبها :أليس هو بمثابة  السّهم أو السّهام وهَلُمَّ جَرَّا  ،أمَّا فِي المقطع  الثَّانِي،  فَإِنَّهَا تَسْتَبْدِلُ  ضمير الغائبِ بضميرِ المُخَاطِبِ ،وفي ذلك جُرْأَةٌ وشجاعةٌ، بينما في المقطعِ الثالثِ ،فإنَّهَا تَعُودُ إِلَى نَفْسِهَا ،فتتحدَّثُ بضميرِ المتكلِّمِ [  =أنَا  ] ،وفي ذلك  عودةٌ لِنَفْسِهَا  ،ومراجعةٌ لَهَا وغوصٌ فِي أَعْمَاقِهَا وَغَرْبَلَةٌ  لِعَوَاطِفِهَا  . 

5-كَلِمَةُ الْخِتَامِ :
هذا النَّصُّ يستمدُّ مَعِينَهُ مِنْ حَقْلِ  الْغَزَلِ ،والمعروفُ أَنَّ الْغَزَلَ يَنْطَلِقُ بِالْأَسَاسِ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى  الْمَرْأَةِ قَدِيمًا ،إِلَّا أَنَّ الْآيَةَ اِنْعَكَسَتْ فِي هَذَا القَصِيدِ ،وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَقَمُّصِ الْمَرْأَةِ لِهَذَا الْمَوْضُوعِ وَتَطْوِيعِهِ لَهَا ،بِحَيْثُ أَفْرَزَ عَنْهَا  صُورَةً حَدِيثَةً بَارِزَةً مُتَحَرِّكَة غَيْرَ صُورَتِهَا السَّابِقَةِ الْمُتَخَفِّيَةِ وَالْقَلِيلَةِ حَرَكَاتُهَا.
يُعْتَبَرُ هَذَا النَّصُّ جَدِيدًا مُتَجَدِّدًا فِي مَضْمُونِهِ ،إِذْ أَنَّ كَاتِبَتَهُ  مَثَّلَتْ صُورَةَ الْمَرْأَةِ الحَدِيثَةِ الْوَاثِقَةِ فِي نَفْسِهَا وَالْحَاصِلَةِ عَلَى الْعَدِيدِ  مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي كَانَتْ فِيمَا مَضَى حِكْرًا عَلَى الرِّجَالِ ، بِحَيْثُ أَوْجَدَتِ الْبَوْنَ الشَّاسِعَ بَيْنَهَا كَاِمْرَأَةِ الْعَصْرِ الْحَالِيِّ وَبَيْنَ اِمْرَأَةِ الْعُصُورِ الْمَاضِيَةِ .لِذَلِكَ، فَإِنَّ الْقَصِيدَ يَبَانُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ  مُصَوِّرًا لِلْمُجْتَمَعِ النِّسَائِيِّ الْمُعَاصِرِ الَّذِي يُنَافِسُ بِدَوْرِهِ الْمُجْتَمَعَ الرِّجَالِيَّ الْمُعَاصِرَ.

*مُلَاحَظَةٌ :
لو أن الشَّاعرة تُرْسِلُ إِلَى الْمَجَلَّةِ بِمُوجَزٍ عَنْ حَيَاتِهَا :[ * ولادتها  تاريخها ومكانها *بلدها وجنسيتها  * مهنتها * أعمالها :تآليفها إن كانت لها تآليف أو أنها تزمع إصدار عمل من أعمالها *هوايتها أو هواياتها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...