صك الأقدار
**********
غفا القمر بين جوارح قلب تيتم قبل أن يولد ،،ليحاكي ضيوفا يسامرونه ،قصة تلك الفتاة التي تمسكت بعنفوانها الأنثوي ،،بروحها الصامتة بين مخالب زمان مكر وفر مسرعا كالبرق ،ليصيب روحا تصلبت شرايينها نازفة معلنة الحداد على ما خلده بحوارات ما زالت حاضرة ،لأنها أرادت أن تحتضنه بكل ما تملك من إرادة وحزم وحب ، لتعيد لبيتها دفء صيف غادر حناياه ،لتكون زوداة حرمان أفرغ من محتواه الإنساني ،،،وأصبح يفتر النظرات المتقطعة بسخرية لغد لم يكن بتطلعاته يعي فحوى محبتها ونبل أصلها ،ليفتعل ألف سبب ،لتترك البيت وتخرج ،،تلك الليلة كانت الفاصلة ،حينما عاد والشر يتمالك تقاطيع وجهه ،وهو يلف يده حول خصر أخرى ،،ويدخلها بيته ، لتقف زوجته متجهمة ،ساخرة من وضاعته ،يطلب أن تحضر الطعام لزوجته الجميلة ،،ابنة العشرين ،،وينعتها بالعاقر التي صبر عليها خمس سنوات ،،،
تلك من ستنجب له ولي العهد ،،أعدت لهما الطعام ،،وصمت روحها الأجش كان عنف من تلك الكلمات الجارحة ،،وكأنه يخبرها لم يعد لك مكان هنا ،،بعدما سلبها قلب أحبته بجنون ،وتنازلت له عن ملكية البيت ،،ليتسنى له استخراج قرض ،ليوفي ديونا تراكمت عليه ،،،فهي الابنة الوحيدة لوالديها اللذين وافتهما المنية ،،،وبينما يتناولان الطعام ،خرجت بهدوء ،،،لا تعرف أين وجهتها ،فبيتها احتضن كل ذكرياتها ،،غادرت بقلب مكسور ،،وبرد شتت جوارحها المسلوبة ،،،وكأنه كان ينتظر تلك اللحظات بفارغ الصبر ،ليتخلص منها،،كان يظن استيعابها له ولعقده ضعفا منها ،،وأنه لن يقف أحد بوجهه ليحاسبه،،لا تعرف مكان غير ذاك الذي عاصر كل سنينها لتتخطى الثلاثين من العمر بين جذور لم تستطع فراقها ،ليصبحا على صوت جيران الحي هند ماتت ،،كانت تتقوقع حول نفسها تحت جذع شجرة بيتها التي كانت تسقيها محبة وإخلاصا ووفاء سنينها ،،وأزهار الزنبق تملأ الحي رائحة زكية ،تدل على لمسات طيبها ومحبة الجميع لها ،،،كانت محبوبة من كل أهل حيها ،،والكل يعلم معاناتها وتحملها له ،،،حينها للبرهة الاولى شعر بينه وبين نفسه أنه تخلص منها ،،ليعيش كما يحلو له ،،سرعان ما توالت السنون مسرعة ،،لكن لم ينجب من الأخرى ،،ليتيقن أنه كان سبب عدم الإنجاب ،،والذي أخفته عنه تلك السنين حتى لا تجرحه ،،وكانت تتحمل شتمه وضربه ،،هذ اما صرح به الطبيب له ،،،لكن بعد فوات الأوان ،،،بعد أن سلبته كل ما يملك ،،وتركته يصارع مرضا نفسيا ،،لترمي به مشفى الأمراض العقلية ،،وتتهمه بالجنون والضرب المبرح لها ،،
هناك بدأ يسترجع مشوار سنين فقدها ،،استسلم لقدر الله ،،وعقابه له على ما فعل بهند،،،
خرجت الدنيا من عينيه ،،،ليقفل صمام قلبه الأجش ببوابة ظلم وتمرد سحقه إنسانيته، وغروره أمام من ضحت لأجله بكل ما تملك حتى روحها ،،يخور أرضا وصوت بكائه يفرغ ندما قاتلا استحوذه ،،،حينما يتعافى بعد سنين طوال يعود للبيت ،،يطرق الباب فإذا برجل وخلفه أولاد يركضون في البيت، يقول له ،،،من الطارق ،،يجيبه عابر سبيل ،،يتابع خطواته حيث روح هند تطوقه نبضا أحيا به أنفاسه الأخيرة وهو يحتضن ترابا، لم يجف ارتواء روحها الممطرة ندى وريقات تدمع كل ليلة على فراقها ،،ليشبك بروحه ترابا ما زال على قيد الحياة،،يتنفس تلك الأنامل التي روته عطفا وحبا،، ينتظر صك حب أبدي لم يمت ،،،،،
بقلم //هيفاء البريجاوي//سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق