الصحابي ابن ابي حدرد الاسلمي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 5-1-2020
عَبْدُ اللّهِ بنِ أَبي حَدْرَدِ الأَسْلَمِي، واسم أَبي حَدْرَد سلامة بن عُمَيْر بن أَبي سلامة بن سعد بن مُسَاب بن الحارث بن عَبْس بن هَوَازن بن أَسلم، وقيل عَبْد بن عُمَيْر بن عامر..يُكْنَى أبا محمد
استعان رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، في مهر امرأته فقال: "كم أصْدَقْتَها؟" قال: مائتي درهم، قال: "لو كنتم تغرفون من بُطْحان ما زدتم"
أوّل مشهدٍ شهده مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الحُديْبية ثمّ خيبر وما بعد ذلك من المشاهد
كان من وجوه أصحاب النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم يُعَدَّ في أهل المدينة له ولأبيه صحبة
سرية ابن ابي حدرد
ذكر ابن هشام عن ابن إسحاق هذه السريّة في مُلخص السرايا بنهاية كتابه بغير ترتيب ولم يذكر لها تاريخًا، ورتّبها ابن سيّد الناس قبل فتح مكّة مُباشرة بعد سريّة بطن إضّم، وابن إسحاق جعلها بعد بطن إضم في التدوين، لكن ذكر بعدها مقتل عصماء بنت مروان ومعلوم أنّ مقتل عصماء بنت مروان كان في أعقاب غزوة بدر الكبرى من السنة الثانية، وذكر بعدها أيضًا سريّة دومة الجندل وهي عند غيره في سنة 6 هـ، فيُفهم منه أنّ ترتيب ابن إسحاق ومتابعة ابن سيد الناس له ربما هو محلّ نظر، إلّا أنّ ابن عبد البرّ في ترجمة عبد الله بن أبي حدرد -قائد السريّة- يروي أنّه رضي الله عنه مات سنة 71 هـ وله من العُمر 81 عامًا فيكون عُمره رضي الله عنه وقت الهجرة الشريفة حوالي 10 سنوات تقريبًا، فهو من شباب الصحابة إذًا، ولم يكن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم يأذن لمن هم دون 14-15 سنة بالقتال على المُعتاد، وعليه فمن المنطقي ألا يُشارك ابن أبي حدرد في الغزوات والسرايا حتى السنة السادسة، وهو ما نصّ عليه ابن عبد البر أن أول مشاهده كانت الحُديبيّة وخيبر وما بعدهما، وأوّل ذكر له في السرايا في سريّة بطن إضَم، فالظاهر أنّ سريّة الغابة كانت بعدها كما اختار ذلك ابن سيّد الناس قبل فتح مكّة شرّفها الله تعالى، والظاهر أيضًا من سياق السريّة أنّ الوقت لم يكن صيام وكان قبل رمضان، فالمُختار إذا كونها في نهاية شعبان من السنة الثامنة
عن أبي حدرد رضي الله عنه قال: تزوجت إمرأة من قومي فأصدقتها مائتي درهم، قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نِكاحي. فقال: «كم أصدقت؟» فقلت: مائتي درهم. فقال: «سبحان الله والله لو كنتم تأخذونها من وادٍ ما زدتم والله ما عندي ما أعينك به» . فلبثت أياماً؛ ثم أقبل رجل من جُشَم بن معاوية يقال له رِفاعة بن قيس - أو قيس بن رفاعة - في بطن عظيم من جُشَم حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة؛ يريد أن يجمع قيساً على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا إسم وشَرَف في جُشَم. قال: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين من المسلمين، فقال: «أخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم» ، وقدَّم لنا شارفاً عجفاء، فحُمِلَ عليها أحدنا، فوالله ما قامت به ضعفاً حتى دَعَمها الرجال من خلفها بأيديهم حتى استقلَّت وما كادت؛ وقال: «تبلَّغوا على هذه» .
فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريباً من الحاضر مع غروب الشمس، فكَمَنت في ناحية، وأمرت صاحبيَّ فَكَمَنا في ناحية أخرى من حاضر القوم، وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبّرت وشددت في العسكر فكبّرا وشدّا معي، فوالله إنا كذلك ننتظر أن نرى غِرَّة أو نرى شيئاً، وقد غَشِينَا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء؛ وقد كان له راعٍ قد سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم، وتخوّفوا عليه. فقام صاحبهم رفاعة بن قيس، فأخذ سيفه فجعله في عنقه، فقال: والله لأتيقنَنّ أمر راعينا ولقد أصابه شرّ. فقال نفر ممَّن معه: والله لا تذهب، نحن نَكْفيك. فقال: لا، إلا أنا. قالوا: نحن معك. فقال: والله لا يتبعني منكم أحد، وخرج حتى مرّ بي. فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلّم فوثبت إِليه، فاحتززت رأسه، ثم شددت ناحية العسكر وكبّرت، وشدّ صاحباي وكبّرا، فوالله ما كان إلا النجاء ممّن كان فيه. عندك عندك، بكل ما قدروا عليه من نسائهم، وأبنائهم، وما خفّ معهم من أموالهم، واستَقنا إبلاً عظيمة وغنماً كثيرة؛ فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئت برأسه أحمله معي، فأعطاني من تلك الإِبل ثلاثة عشر بعيراً في صَداقي؛ فجمعت إِليَّ أهلي
وفاته
توفي عبد اللّه سنة إِحدى وسبعين، وكان عمره إِحدى وثمانين سنة، وقيل: مات زمن مُصْعَب بن الزبير.
المصادر
ــــــــ
1- اسد الغابة
2- الطبقات الكبرى
3- الاصابة في معرفة الصحابة
4- الاستيعاب في معرفة الاصحاب
5- حياة الصحابة - كحكد يوسف الكاندهلوي
6- السيرة النبوية لابن اسحاق
7- السيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي
8- المغازي لابن عساكر
9- المغازي للواقدي
10- سيرة ابن هشام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 5-1-2020
عَبْدُ اللّهِ بنِ أَبي حَدْرَدِ الأَسْلَمِي، واسم أَبي حَدْرَد سلامة بن عُمَيْر بن أَبي سلامة بن سعد بن مُسَاب بن الحارث بن عَبْس بن هَوَازن بن أَسلم، وقيل عَبْد بن عُمَيْر بن عامر..يُكْنَى أبا محمد
استعان رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، في مهر امرأته فقال: "كم أصْدَقْتَها؟" قال: مائتي درهم، قال: "لو كنتم تغرفون من بُطْحان ما زدتم"
أوّل مشهدٍ شهده مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الحُديْبية ثمّ خيبر وما بعد ذلك من المشاهد
كان من وجوه أصحاب النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم يُعَدَّ في أهل المدينة له ولأبيه صحبة
سرية ابن ابي حدرد
ذكر ابن هشام عن ابن إسحاق هذه السريّة في مُلخص السرايا بنهاية كتابه بغير ترتيب ولم يذكر لها تاريخًا، ورتّبها ابن سيّد الناس قبل فتح مكّة مُباشرة بعد سريّة بطن إضّم، وابن إسحاق جعلها بعد بطن إضم في التدوين، لكن ذكر بعدها مقتل عصماء بنت مروان ومعلوم أنّ مقتل عصماء بنت مروان كان في أعقاب غزوة بدر الكبرى من السنة الثانية، وذكر بعدها أيضًا سريّة دومة الجندل وهي عند غيره في سنة 6 هـ، فيُفهم منه أنّ ترتيب ابن إسحاق ومتابعة ابن سيد الناس له ربما هو محلّ نظر، إلّا أنّ ابن عبد البرّ في ترجمة عبد الله بن أبي حدرد -قائد السريّة- يروي أنّه رضي الله عنه مات سنة 71 هـ وله من العُمر 81 عامًا فيكون عُمره رضي الله عنه وقت الهجرة الشريفة حوالي 10 سنوات تقريبًا، فهو من شباب الصحابة إذًا، ولم يكن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم يأذن لمن هم دون 14-15 سنة بالقتال على المُعتاد، وعليه فمن المنطقي ألا يُشارك ابن أبي حدرد في الغزوات والسرايا حتى السنة السادسة، وهو ما نصّ عليه ابن عبد البر أن أول مشاهده كانت الحُديبيّة وخيبر وما بعدهما، وأوّل ذكر له في السرايا في سريّة بطن إضَم، فالظاهر أنّ سريّة الغابة كانت بعدها كما اختار ذلك ابن سيّد الناس قبل فتح مكّة شرّفها الله تعالى، والظاهر أيضًا من سياق السريّة أنّ الوقت لم يكن صيام وكان قبل رمضان، فالمُختار إذا كونها في نهاية شعبان من السنة الثامنة
عن أبي حدرد رضي الله عنه قال: تزوجت إمرأة من قومي فأصدقتها مائتي درهم، قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نِكاحي. فقال: «كم أصدقت؟» فقلت: مائتي درهم. فقال: «سبحان الله والله لو كنتم تأخذونها من وادٍ ما زدتم والله ما عندي ما أعينك به» . فلبثت أياماً؛ ثم أقبل رجل من جُشَم بن معاوية يقال له رِفاعة بن قيس - أو قيس بن رفاعة - في بطن عظيم من جُشَم حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة؛ يريد أن يجمع قيساً على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا إسم وشَرَف في جُشَم. قال: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين من المسلمين، فقال: «أخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم» ، وقدَّم لنا شارفاً عجفاء، فحُمِلَ عليها أحدنا، فوالله ما قامت به ضعفاً حتى دَعَمها الرجال من خلفها بأيديهم حتى استقلَّت وما كادت؛ وقال: «تبلَّغوا على هذه» .
فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريباً من الحاضر مع غروب الشمس، فكَمَنت في ناحية، وأمرت صاحبيَّ فَكَمَنا في ناحية أخرى من حاضر القوم، وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبّرت وشددت في العسكر فكبّرا وشدّا معي، فوالله إنا كذلك ننتظر أن نرى غِرَّة أو نرى شيئاً، وقد غَشِينَا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء؛ وقد كان له راعٍ قد سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم، وتخوّفوا عليه. فقام صاحبهم رفاعة بن قيس، فأخذ سيفه فجعله في عنقه، فقال: والله لأتيقنَنّ أمر راعينا ولقد أصابه شرّ. فقال نفر ممَّن معه: والله لا تذهب، نحن نَكْفيك. فقال: لا، إلا أنا. قالوا: نحن معك. فقال: والله لا يتبعني منكم أحد، وخرج حتى مرّ بي. فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلّم فوثبت إِليه، فاحتززت رأسه، ثم شددت ناحية العسكر وكبّرت، وشدّ صاحباي وكبّرا، فوالله ما كان إلا النجاء ممّن كان فيه. عندك عندك، بكل ما قدروا عليه من نسائهم، وأبنائهم، وما خفّ معهم من أموالهم، واستَقنا إبلاً عظيمة وغنماً كثيرة؛ فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئت برأسه أحمله معي، فأعطاني من تلك الإِبل ثلاثة عشر بعيراً في صَداقي؛ فجمعت إِليَّ أهلي
وفاته
توفي عبد اللّه سنة إِحدى وسبعين، وكان عمره إِحدى وثمانين سنة، وقيل: مات زمن مُصْعَب بن الزبير.
المصادر
ــــــــ
1- اسد الغابة
2- الطبقات الكبرى
3- الاصابة في معرفة الصحابة
4- الاستيعاب في معرفة الاصحاب
5- حياة الصحابة - كحكد يوسف الكاندهلوي
6- السيرة النبوية لابن اسحاق
7- السيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي
8- المغازي لابن عساكر
9- المغازي للواقدي
10- سيرة ابن هشام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق