الأحد، 12 يناير 2020

إبداع تحت الأضواء....إعداد وتقديم عبد المجيد زين العابدين

إِبْــــــــدَاعٌ تَحْتَ الْأَضْوَاءِ
الْحَلَقَـــــــةُ الثَّالِثَـــــةُ
*النَّصُّ الثَّالِثُ [03] لِصَاحِبِهِ الْأُرْدُنِيِّ ،الْمَخْصُوِص بِالتَّكْرِيمِ :
سَعِيــــــــــــد تَايَــــــــهْ .
لَهَـفِـي عَـَلـى الْأَوْطَــانِ
تلـكَ السـنُــونُ اللاَّهِـثَـــاتُ وَرَائِـي**تَعِبَــــــتْ مِـــنَ الآلامِ وَالْأَرْزَاءِ
نَفسِي أقــامَ الحُــزْنُ فـي جَنَبَاتِهَــا ** كَالنَّارِ تَرعَى في نَـوَى الْأَحْشَاءِ
لَـمْ نَجْــنِ فيهَــا راحَـــةً أو هَـــدْأةً  **نُمْسِي وَنُصْبِحُ فـي أمَـرِّ شَقَــاءِ
**************************
نُمْضِي سَـــواءً لَيْلَنَـــا وَنَهَـارَنَــــا **لا فَـرْقَ بَيْـنَ الصُّبْـحِ وَالْإِمْسَـاءِ
قــدْ عَـضَّنَــا الْألَــمُ الْأَلِيـــمُ بِنَابِـــهِ**مَـوْتَـى وَيَحْسَبُنَـا مِـنَ الأحْيَـــاءِ
الدَّهْــرُ نَاصَبَنَـا الْعِــداءَ وَلْـمْ يَكُــنْ **إلاَّ نَصِـيــرَ عَـــداوَةِ الْأَعْــــدَاءِ
طَوْرًا يَمُـدُّ يَــدَ الضَّغـِينَـةِ عَـامِـــدًا **أبَـدَ الـزَّمَانِ يَزيـدُ فِي  الضَّـرَّاءِ
رُزْآنَ طَـــالَ مَـداهُمَـــا بِتَجَـــدُّدٍ ** كَـدَوامِ طُــولِ اللَّيْـلَــةِ اللّيْــــــــلَاءِ
تَشْريـدُ شَعــبٍ في غَيَاهِـبِ فُـرْقَــةٍ ** وَكَأنَّهَــا قُـــدَّتْ مِــنَ الظَّـلْمَـــاءِ
وَبَقَـــاءُ مُغْتَـصِـبٍ لأِطْهَـــرِ بُقْعَـــةٍ ** أَرْضِ الرِّبَـاطِ وَقُدِسِهَـا الْغَــرَّاءِ
شَهِــــدَ الْخَلَائِـــقُ أنَّهَـــــا لَأَبِيَّــــةٌ** تَـاْبَـى الْخُضُـوعَ لِقَسْوَةِ الْأَعْدَاءِ
******************************
إِنِّـي لَأَحْــزَنُ أنْ أَرَى مِـنْ جِلْـدِنــا ** مَنْ صَارَ مَـعْ أَعْـدَائِنَـا الْخُبَثَــاءِ
وَيَمُدُّهُــــمْ بِـالْمَــالِ دُونَ تَــرَدُّدٍ ** عَلَنَــاً بِكُـــلِّ حَفَـــاوَةٍ وَسَخَــــــــاءِ
يَـا دَهْـرُ قـد أرْهَقْـتَ قَلْــبِـي بالضَّنــَا **هَـلْ أَنْـتَ وَالْإِخْوَانُ مِـنْ أَعْدَائِي
ألِفُــوا النِّفَــاقَ فَصَـارَ مِـنْ أخلاقِهِمْ **وَصُدُورُهُمْ طُبِعَتِ علَى الْبَغْضَاءِ
شـعـر : سـعـيـد تـايــه
ع28/12/2019
عَمَّانُ _ الْأُرْدُنُّ .
28/12/2019
* نَظْرَةٌ فِي شَكْلِ النَّصِّ وَمَضْمُونِهِ*
01-  التَّــقْـــدِيمُ :
هَذَا الْقَصِيدُ يَدْخُلُ فِي خَانَةِ الْقَصَائِدِ الْوَطَنِيَّةِ ، وَهْوَ بِقَلَمِ الشَّاعِرِ الْأُرْدُنِيِّ سَعِيد تَايَه ،وَعِنْوَانُهُ:"لَهَفِي عَلَى الْأَوْطَانِ ".
02-  مَوْضُوعُ الْقَصِيدِ :
حَسْرَةُ الشَّاعِرِ عَلَى أَوْضَاعِ الْأَوْطَانِ الْعَرَبِيَّةِ الرَّدِيئَةِ الرَّاهِنَةِ  وَثَوْرَتُهُ عَلَى أَسْبَابِ تَدَهْوُرِهَا.
03-الْبَحْرُ:
أ- وَرَدَ الْقَصِيدُ عَلَى بَحْرٍ مِنَ الْبُحُورِ الْخَلِيلِيَّةِ، وَهْوَ بَحْرُ الْكَامِلِ مِثْلَمَا أَشَارَ صَاحِبُ الْقَصِيدِ إِلَيْهِ تَحْتَ عِنْوَانِ الْقَصِيدِ،وَتَفْعِيلَاتُهُ :مُتَفَاعِلُنْ تَتَكَرَّرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الصَّدْرِ وَمِثْلَهَا فِي الْعَجُزِ .
ب-التَّغْيِيرَاتُ الطَّارِئَةُ عَلَى الْبَحْرِ:
* الزِّحَافَاتُ :
- تَسْكِينُ التَّاءِ فِي مُتَفَاعِلُنْ ، وَذَلِكَ جَائِزٌ ، فَتُصْبِحُ مُتْفَاعِلُنْ مُسَاوِيَةً لِتَفْعِيلَةِ الرَّجُزِ :مُسْتَفْعِلُنْ،لِنَأْخُذْ
مَثَلًا :التَّفْعِيلَتَانِ الْأُولَيَانِ أَتَتَا عَلَى هَذَا الشَّكْلِ :أَيْ مُتْفَاعِلُنْ عَلَى وَزْنِ مُسْتَفْعِلُنْ ،أُجَسِّمُ ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ الْعَرُوضِيَّةِ ، كَالْآتِي :تِلْكَ سْسِنُو:مُتْفَاعِلُنْ عَلَى وَزْنِ مُسْتَفْعِلُنْ . كَذَلِكَ :نُلْلَاهِثَــــا: مُتْفَاعِلُنْ عَلَى وَزْنِ مُسْتَفْعِلُنْ .
*أَعَارِيضُ الْقَصِيدِ وَأَضْرُبُهُ :
- أَعَارِيضُ الْقَصِيدِ:
الْعَرُوضُ الْأَوَّلُ أَيْ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَيْ :تِ وَرَائِي،جَاءَ مُطَابِقًا لِضَرْبِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ،أَمَّا الْأَعَارِيضُ الْمُوَالِيَةُ فَقَدْ جَاءَتْ عَلَى وَزْنِ: مُتَفَاعِلُنْ بِتَرْكِ التَّاءِ عَلَى حَالَةِ النَّصْبِ مَرَّاتٍ أَوْ  بِتَسْكِينِهَا أُخْرَى.
-أَضْرُبُ الْقَصِيدِ:
وَرَدَتْ عَلَى وَزْنِ :مُتَفَاعِلْ ،وَذَلِكَ بِتَسْكِينِ الَّلامِ.مِثَالٌ : الْبَيْتُ الْأَوَّلُ ضَرْبُهُ :أَرْزَاءِ ،جَاءَ عَلَى وَزْنِ :مُتْفَاعِلْ . نَحْنُ نَقْرَأُ كَلِمَةَ أَرْزَاءِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ الْمَكْسُورَةِ : هَكَذَا :أَرْزَائِي لِتَزِنَ بِالتَّالِي عَلَى وَزْنِ مُتْفَاعِلْ أَوْ مُتْفَاعِي وَذَلِكَ بِحَذْفِ النُّونِ السَّاكِنَةِ مِنْ مُتَفَاعِلُنْ ،وَمِثْلُ مَا قِيلَ فِيهِ يُقَالُ فِي جَمِيعِ أَضْرُبِ أَبْيَاتِ الْقَصِيدِ .
-أَعَارِيضُهُ :الْعَرُوضُ الْأَوَّلُ جَاءَ مُمَاثِلًا لِلضَّرْبِ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ فَقَطَ ،وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ :تِ وَرَائِي :عَلَى وَزْنِ مُتَفَاعِلْ مَعَ حَذْفِ النُّونِ .
04- عَنَاصِرُهُ الْأَسَاسِيَّةُ:
الْقَصِيدُ عِبَارَةٌ عَنْ تَأَوُّهَاتِ شَاعِرٍ عَرَبِيٍّ صَادِقِ الْحِسِّ وَاعٍ بِسُوءِ الظُّرُوفِ الْاِجْتِمَاعِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي يَعِيشُهَا هُوَ كَمَا يَعِيشُهَا بَاقِي إِخْوَتِهِ مِنَ الْعَرَبِ لَكِنْ بِشَكْلٍ مُخْتَلِفٍ ،بَيْدَ أَنَّ طُغْيَانَ هَذِهِ الْآهَاتِ وَالزَّفَرَاتِ الَّتِي يُطْلِقُهَا الشَّاعِرُ مِنْ أَعْمَاقِ فُؤَادِهِ ،لَا تَحُولُ دُونَ تَقْسِيمِهِ إِلَى ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ.
أ‌- الْأَبْيَاتُ الثَّلَاثَةُ الْأُولَى ،أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: تِلْكَ .. إِلَى قَوْلِهِ :شَقَاءِ
اِسْتِرْجَاعُ الشَّاعِرِ لِلْمَاضِي الْعَرَبِيِّ الْمُسْتَمِرِّ الْحَزِينِ .
ب-الْأَبْيَاتُ الثَّمَانِيَةُ الْمُوَالِيَةُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ :نُمْضِي إِلَى قَوْلِهِ : الْجُبَنَاءِ.
مَظَاهِرُ الْحُزْنِ الْعَرَبِيِّ وَأَسْبَابُهُ فِي عَيْنِ الشَّاعِرِ .
ج- مِنْ قَوْلِهِ : إِنِّي لَأَحْزَنُ إِلَى قَوْلِهِ : الْبَغْضَاءِ .
ثَوْرَةُ الشَّاعِر عَلَى بَنِي جَلْدَتِهِ لِتَدَهْوُرِ أَخْلَاقِهِمْ .
05 - الشَّاعِرُ سَعِيـــــــــــد تَايَـــهْ
*يَبْدُو جَلِيًّا مِنْ خِلَالِ أَبْيَاتِ الْقَصِيدِ،أَنَّ الشَّاعِرَ يَحْمِلُ هَمَّ وَطَنِهِ مِثْلَمَا أَنَّهُ يَحْمِلُ هَمَّ الْأَوْطَانِ
الْعَرَبِيَّةِ عَامَّةً .إِنَّهُ يَلْتَفِتُ إِلَى وَطَنِهِ وَيُعَايِنُ كَيْفَ أَنَّ الْأَخْلَاقَ الْعَرَبِيَّةَ هِيَ إِلَى الْاِنْحِدَارِ،فَيُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَيَبْعَثُ فِيهَا الْحُزْنَ ،وَإِذَا اِنْتَقَلَ إِلَى سَائِرِ الْأَوْطَانِ الْعَرَبِيَّةِ ،تَأَكَّدَ مِنْ فَدَاحَةِ الْمُصِيبَةِ ،وَأَنَّ الْأَخْلَاقَ وَالسُّلُوكِيَّاتِ الْعَرَبِيَّةَ شَابَهَا الْفَسَادُ ،فَهْوَ بِذَلِكَ يُخَوِّلُ لِنَفْسِهِ الْحُكْمَ عَلَى الْأَوْضَاعِ الْعَرَبِيَّةِ الضَّعِيفَةِ مَا لَمْ نَذْهَبْ إِلَى الْمُبَالَغَةِ ،وَمَا تَبِعَهُ مِنْ إِمْكَانِيَّةِ نُصْحِهَا وَنُصْحِ إِخْوَتِهِ فِيهَا بِالْأَخْذِ بِأَسْبَابِ التَّغْيِيرِ.
*لِلشَّاعِرِ أَنْ يُوَاجِهَ الظُّرُوفَ الْاِجْتِمَاعِيَّةَ الصَّعْبَةَ ،وَلَكِنَّ التَّحَلِّىَ  بِالْحِلْمِ وَالتَّحَكُّمَ فِي زِمَامِ النَّفْسِ وَلَوْ أَنَّ ظُرُوفَنَا مُسْتَفِزَّةٌ ،لِأَنَّ عَصْرَنَا هَذَا صَعْبٌ ،وَلِتَذْلِيلِ صُعُوبَتِهِ ،وَجَبَ أَنْ نَتْرُكَ إِمْكَانِيَّةَ الصُّلْحِ مَعَ عَدُوِّنَا الْحَاضِرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ خِلَالِ الْحِوَارِ وَعَدَمِ الُّلجُوءِ إِلَى التَّحَدِّي الَّلفْظِيِّ الْجَارِحِ.
* يَجِبُ أَنْ لَا يَنْسَى الشَّاعِرُ سَعِيد أَنَّهُ بِشَاعِرِيَّتِهِ ،يُعْتَبَرُ حَكِيمَ قَوْمِهِ ،وَالْحَكِيمُ يُقَرِّبُ وَلَا يُبْعِدُ وَيَجْمَعُ وَلَا يُفَرِّقُ وَيُؤَلِّفُ وَلَا يُنَفِّرُ وَيَنْظُرُ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ بِعَيْنٍ حَكِيمَةٍ غَيْرِ عَيْنِ الطَّغَامِ .لِذَلِكَ، فَلْيَعْذُرْنِي عَلَى حَذْفِ الْبَيْتِ الْأَخِيرِ خَاصَّةً وَأَنَّ حِدَّتَهُ مَفْهُومَةٌ مِنْ خِلَالِ سَابِقِ الْأَبْيَاتِ ،وَاِسْتِبْدَالِ كَلِمَتَيْنِ رَأَيْتُ فِيهِمَا النَّجَاعَةَ وَاللَهُ أَعْلَمُ.
06- كَلِمَةُ الْخِتَامِ :
الْقَصِيدُ يَطْرَحُ الْمُعَانَاةَ الْعَرَبِيَّةَ فِي الْقَرْنِ الْحَالِيِّ ،وَلَا يَخْفَى صِدْقُ نَبْرَتِهِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ هَذِهِ الْمُعَانَاةِ ،وَإِذْ يَثُورُ عَلَى بَنِي جَلْدَتِهِ لِتَبَعْثُرِ الْقِيَمِ الْعَرَبِيَّةِ وَاِنْقِلَابِهَا عَلَى أَهَالِيهَا مِنَ الْعَرَبِ،وَاِنْكِسَارِ شَوْكَتِهِمْ ، لَا بَأْسَ أَنْ يَفْتَحَ نَافِذَةً لِإِنْقَاذِ الْمَوْقِفِ الْعَرَبِيِّ قَادِمًا وَذَلِكَ بِإِظْهَارِ أَنَّهُ،وَمَهْمَا صَعُبَتِ الظُّرُوفُ عَلَيْهِمْ حَالِيًّا ، بِإِمْكَانِهِمِ الْخُرُوجُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْضَاعِ بِرَسْمِ إِسْتَرَاتِيجِيَّةٍ مُسْتَقْبَلِيَّةٍ،ذَلِكَ أَنَّ الشَّاعِرَ لَا يَكْتَفِي بِوَصْفِ الْحَاضِرِ الْمُؤْلِمِ ، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّاهُ لِيَرْسُمَ الْأَبْعَادَ الْمُضِيئَةَ بِرِيشَتِهِ الْمُضِيئَةِ.
*نِــــــــــــــــــــدَاءٌ :
يَا حَبَّذَا لَوْ أَنَّ الشُّعَرَاءَ أَوِ الشَّاعِرَاتِ  الَّذِينَ  يُرْسِلُونَ إِلَى مَجَلَّةِ شَهْرَزَادَ نُصُوصَهُمُ الشِّعْرِيَّةَ ،يَرْسُمُونَ فِي بِدَايَتِهَا أَوْ  نِهَايَتِهَا مُوجَزًا عَنْ حَيَاتِهمْ :[ * وِلَادَتَهُمْ - تَارِيخَهَا وَمَكَانَهَا *بَلَدَهُمْ وَجِنْسِيَّتَهُمْ * مِهْنَتَهُمْ * أَعْمَالَهُمْ :تَآلِيفَهُمْ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ تَآلِيفُ أَوْ أَنَّهُمْ يَعْتَزِمُونَ إِصْدَارَ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ *هِوَايَتَهُمْ أَوْ هِوَايَاتِهِمْ ،لَا لِشَيْءٍ إِلَّا لِلتَّعْرِيفِ بِهِمْ فِي صُورَةِ اِخْتِيَارِ إِحْدَى قَصَائِدِهِمْ عِنْوَانًا لِتَكْرِيمِهِمْ ،وَشُكْرًا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...