الأربعاء، 30 يناير 2019

د.صالح العطوان الحيالي يكتب ....

نعيب زماننا والعيب فينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق -25-1-2019
في هذا الزمن تغيرت المفاهيم والقيم .... الشخص المغرور يتصور انه نموذج للأنسان المسالم والخبيث يعتقد انه الذكي والبخيل يظن الأمر حرصا والأبله يضع نفسه فى عداد الطيبين من يبحث عن التسلية يتخيلها حبا ومجرد الاعجاب بالمظهر يطلقون عليه العشق نصف الصادق بأنه احمق المنافق من وجهة نظرنا دبلوماسى ضاعت المعانى فى زحام الكلمات ..اختطلت الحروف وكونت مزجا ..مسخا من قاموس جديد ... مزج الحق بالباطل بل قلب الحق الى باطل وضاعت اجمل المشاعر .. نحترم من يملك اكثر رغم ان املاكة له وحده.. ننظر للبدلة ولا نعبأ بأحوال الرجال داخلها ..ننفق على مستحضرات التجميل أكثر و نشترى الكتب الأقل .. نسرف فى كلمات المجاملة ونقصر فى الاداء الفعلى .. نتقرب ممن لا يحتاجنا ونبتعد عن الأجدر بالرعاية ... نعيش فى البيوت تجمعنا جدران صلبة .. قوالب طوب ولا تضمنا أحاسيس ... يبردنا مكيف ونحصل على الدفء من دفاية يفتننا الزيف ... ويغفلنا الرياء ... نظلم انفسنا
أترى هذا الشاعر أخطأ فيما قاله؟ أجانب الحقيقة في بيته؟ الاجابة: لا وكلا فلا ذنب للزمان فيما نفعله على الاطلاق، مسكين هذا الزمان نعلق اخطاءنا على شماعته وهو يرى من هذا الاهتمام، فالزمان لا يأمر ولا ينهى، لا ينطق ببنت شفه، صامت ولكن العيب فينا نحن، تصرفاتنا هي السبب، فلا نضع ما نفعله على الوقت ونفكر في تصرفاتنا، العيب منا نحن فتبا لمن لا يرعوي ويستكين واذا كان ولابد فليرض بقول الامام الشافعي حينما قال:
دع الايام تفعل ما تشاء....وطب نفسا إذا حكم القضاء
اقنع بما اعطاك الله واحمده في السراء والضراء فما تم لك شيء الا ومصيره النقصان، حكمة ربانية، تأمل قول الرندي:
لكل شيء اذا ما تم نقصان...فلا يغر بطيب العيش انسان
التفت لنفسك ايها المرء واترك الزمان وشأنه، اترك الزمان لرب الزمان الواحد الديان، واذا اسأت فأتبع اساءتك بحسنة حتى يمحوها الله تعالى، تأمل قول ابي العتاهية وفكر فيه:
ألا اننا كلنا بائد...رأي بني ادم خالد
وبدؤهم كان من ربهم...وكل الى ربه عائد
أصبح الانتقاد شعار العصر وفاكهة المجالس فلا يكاد يسلم شخص منه الصغير والكبير الرجل والمرأة ويا ليت كان هذا الانتقاد بطريقة معقولة كي يتقبلها الناس بصدر رحب ولكن الأسلوب غير مناسب وكذلك التوقيت فلا تكاد تدخل مجلسا أو تقابل أحدا إلا ويبدأ في محاسبتك ورشقك بالانتقادات السلبية والشيء المؤسف أن معظم هذه الانتقادات ليست بناءة لأن هدفها الهجوم فقط وليس إصلاحا للشخص فالإصلاح له شروطه ومناهجه وضوابطه حتى تؤتي الانتقادات بثمارها اليانعة.
على سبيل المثال إذا فقدت إنسانا لفترة من الزمان ووجدته في مسجد أو مجلس فلا تحرجه أمام الناس بالسؤال الهجومي «أين أنت؟.. أنت حي؟.. لا أحد يراك.. هل تعرفني؟» فأنت بهذا الأسلوب لم تصحح المسار وإنما تزيد الطين بلة وتزيد القطيعة عمقا وإنما الأصل أن تقول له بعد أن يستأنس بك «تفضل معنا.. اشتقنا لكم.. منذ فترة لم نجلس مع بعض.. اعذرونا على التقصير.. أنا فلان تربطني بأبيك علاقة كذا» وتدعوه لشرب القهوة أو تدعوه إلى وجبة غداء أو عشاء.. هذا هو الأسلوب الأمثل لعلاج قضية القطيعة بين الأهل والأصدقاء والجيران وليس بالانتقاد الجارح أمام الناس الذي يهدم ولا يبني.
تناقضات كثيرة تجتاح الشارع اليوم, وقد تداخلت في بعضها البعض التناقضات تعنى أن هناك خلل أصاب الثوابت فى حياة الناس من قيم ، وأخلاق، وسلوك، وفكر
ألكثير منايشعر أنه يعيش أحط عصور التاريخ , لا اعتقد أن هناك فترة في تاريخنا كله تتشابه مع هذا الزمن فإن كان زماننا رديئا فنحن الذين صنعنا الزمان, لا ينبغي أن ندين الزمان فنحن الذين بايعنا قصار القامة ..ونحن الذين صافحنا الأيدي المشلولة وصدقنا العقول الكسيحة وصمتنا أمام كل صاحب قرار خاطئ, نحن المسئولين عن صناعة أصنامنا شاركنا بصياحنا..وأقلامنا.ومدائحنا ....شاركنا بسكوتنا المهين وصمتنا المشين تساوت أمام أعيننا أ ثواب المهانة والكرامة بعنا أنفسنا لكل شيطان جديد . وكما يقال الشعوب تصنع الطواغيت والدكتاتوريات ..انظروا إلى نزيف الأقلام وكم كان يتدفق تحت أحذية الحكام والدجالين والكهنة وأصحاب القرار ، هل هناك أسوأ من أن نقول للأجيال أن ضوء الصبح يملأ أرجاء بلادنا رغم أن الشمس غابت من سنين ، هل هناك أسوأ من أن نقول إن قرارنا في أيدينا ..وهناك عشرات الأيدي الخفية تحركنا كعرائس الأطفال! يجب علينا ان لا نلوم الزمان ..فنحن الذين صنعنا الزمان ،نحن الجلادين والمأجورين والقتلة ..نحن الأنبياء ودعاة الفضيلة ..نحن من حملنا على أعناقنا أحذية كثيرة ...ولهذا نستحق كل ما حدث لنا فالشعوب العظيمة لا تقبل أن تعيش كالفئران المذعورة في الحُفر، إنها تحب أن تكون عالية الرأس , مرفوعة الجبين
زماننا قتل كل شيء جميل في أعماقنا ..اصبح الحق ضلال والزيف صدقا ..وقضايانا آلتي عشنا بها ولها ترنحت أمامنا شهيدة تحت سياط الطغيان والتسلط ..كل الأحلام الجميلة آلتي عشت في خيالنا في مستقبل أفضل وإنسان أكمل أراها أطلال تحاصرنا
أننا نعيش زمن الموت، الموت الحقيقي أن تتساوى لحظات المجد ولحظات المهانة ..وقد تساوت والله في زماننا الكئيب، الموت الحقيقي أن تتحول الصفعات إلى قبلات ونفقد قدرتنا على أن نميز بين الأيدي التي تصافحنا والتي تصفعنا، الموت الحقيقي أن يتساوى صمتك مع كلامك ،الموت الحقيقي أن نصفق لمن ألبسونا أثواب المهانة وهم يعلمون وباعوا كرمتنا وشموخنا ونضارة عمرنا.
أصبحت قلوبنا مجهدة نزفت منها دماء كثيرة في شوارع السياسة ودهاليز القهر والفقر، قلوب حلمت ولم تحقق حلمها، إنها قلوب لا تدق ولا تنبض ولا تتحرك، إنها قلوب داست السياسة والفقر والصراع على كل جزء فيها .
وقف الدجالون والمرتزقة واللصوص والأعلى صوتا فوق رءوس الجميع يعلنون قيام دولة الجشع والتحايل وسقوط دولة القيم والعدل والأخلاق ..لم يجد الشرفاء طريقا غير أن يجلسوا على بقايا أمانيهم ينتظرون زمانا أكثر عدلا... ورحم الله الامام الشافعي حين قال :
نعيب زماننا والعيب فينا .....ومالزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ..... ولو نطق الزمان لنا لهجانا
دنيانا التصنع والترائي ......... ونحن نخادع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ........ ويأكل بعضنا بعض عيانا
لبسنا للخداع مسوك ضأن ....... فويل للمغير اذا أتانا
وليس الذئب ياكل لحم ذئــب ....... وياكل بعضنا بعض عيـانا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...