السبت، 8 فبراير 2020

إبداع تحت الأضواء.... إعداد وتقديم عبد المجيد زين العابدين

الْحَلَقَـــــــةُ السَّـــــابِعَـــــةُ:
مَوْعِدُهَا :السَّبْتُ08/02/2020
*النَّصُّ السَّابِعُ [07]:" أَلَمْ تَـــــــــرَ" ، وَصَاحِبُهُ الْمَخْصُوصُ بِالتَّكْرِيمِ:
الشَّاعِرُ: حَمِيد النَّكَـــــــــــــــادِي
أَلَــــــــــــــــمْ تَــــــــــــر ؟
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ
اِنْهَارَتِ الْأَرْكَانْ؟
وَخَرَّتِ الْفَضَائِــــــــــلْ؟
حتى حَنَّ عَلَيْهَا الزَّمَانْ؟
*******************
.. أَيْنَنَا مِنْ
كَرَمِ حَاتِمْ؟
وَلَمَّــــــةِ الْأَحْبَابْ؟
وَطِيبَــــةِ الْجِيرَانْ؟
وَقُلُوبٍ خَالِيَــــــــةٍ
مِنْ سُمِّ الْأَضْغَانْ؟
وَأَيَادٍ بَيْضَاءَ كَحَمَامَةِ السَّلَامْ؟
****************
وَلَّى وَكَأَنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكَ زَمَانْ؟
اِخْتَلَطَ الْحَابِـــــــــــلُ بِالنَّابِلِ.
الرُّوَيْبِضَةُ فَوْقَ الْمَنَابــــــــِرْ
تَنْشُرُ الرَّذِيلَةَ
كَذِئَابٍ فِي صِفَةِ حِمْــــــلَانْ
وَالْعَوْلَمَــــةُ سَكَنَتِ الْأَرْوَاحْ
أَكْثَرَ مَا سَكَنَتْهَـــــا الْأَدْيَــانْ
فَضَاعَ الْحَقُّ وَأَهْـــــلُ الْحَقْ
تَحْتَ وَطْــــــــــــأَةِ النِّيرَانْ
مَـــــــــنْ صَدَحَ بِالْمَعْرُوفْ
حَامَتْ حَوْلَهُ أَعْتَى الْغِرْبَانْ
نَهَشَتْهُ صَلَبَتْهُ عَلَّقَتْـــــــــــهُ
وَرَمَتْ بِهِ كَأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْسَانْ..
حَمِيد النَّكادِي 1\2|2020
*نَظْرَةٌ فِي شَكْلِ النصِّ وَمَضْمُونِهِ *
01/التَّقْدِيمُ:
النَّصُّ الَّذِي هُوَ أَعْلَى الصُّورَةِ ،نَصٌّ نَثْرِيٌّ شَكْلًا  ،إِلَّا أَنَّ صِيغَتَهُ تُوحِي لِقَارِئِهِ بِأَنَّ مَضْمُونَهُ نَثْرٌ شِعْرِيٌّ أَوْ شِعْرٌ مَنْثُورٌ،ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَتَحَدَّثُ فِيهِ بِصُورَةِ الْخِطَابِ ،خِطَّابٍ تُمَازِجُهُ عَاطِفَةٌ مُتَأَجِّجَةٌ وَهَّاجَةٌ ،لَا تَقْدِرُ عَلَى قَوْلِ كُلِّ مَا عِنْدَهَا ،وَمَهْمَا تَقُلْ ،فَإِنَّ خِطَابَهَا تُحِسُّ بِهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُسْتَكْمَلْ بَعْدُ .
اِخْتَارَ لَهُ صَاحِبُهُ مِنَ الْعَنَاوِينِ:"أَلَمْ تَــــــرَ؟" ،وَهْوَ، فِي بِدَايَتِهِ  سُؤَالٌ ، قَدْ يَتَوَجَّهُ بِهِ قَائِلُهُ إِمَّا إِلَى نَفْسِهِ أَوْ إِلَى الْمُخَاطَبِ أَيًّا كَانَ ،عِلْمًا بِأَنَّ تَوَجُّهَهُ هُنَا إِلَى الْعَرَبِيِّ مِنْ  أُمَّةِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ أَوْ حَتَّى إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ ،لِأَنَّ الْإِنْسَانِيَّةَ فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ هِيَ الَّتِي تَجْمَعُنَا.
هَذَا التَّعْمِيمُ، رُبَّمَا لَا نَجِدُ لَهُ مُبَرِّرًا مَنْطِقِيًّا وَنَفْسَانِيًّا ،ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبِيَّ، بِصُورَةِ الْوَاقِعِ ،إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْكُوَ بِصِدْقٍ،فَإِنَّمَا يَبُثُّ شَكْوَاهُ مَنْ كَانَ مِنْ طِينَتِهِ وَفَصِيلَتِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ أَوْ عَرْشِهِ أَوْ إِلَى كُلِّ مَنْ مَاثَلَ إِحْسَاسُهُ إِحْسَاسَهُ بِالشَّيْءِ وَغَيْرَتِهِ عَلَيْهِ وَاِسْتِنْكَارِهِ لَهُ أَوْ رَغْبَتِهِ فِيهِ .
لِذَلِكَ ،فَلْنَقُلْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَا نَقُولُهُ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ إِلَى الْوَاقِعِ ،إِنَّ الشَّاعِرَ، بِحُكْمِ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ مُسْلِمٌ، إِنْ لَمْ يُخَاطِبْ نَفْسَهُ فَقَطْ ،فَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِلَى الْعَرَبِيِّ الْمُسْلِمِ مِثْلِهِ لِيَشْتَكِيَ إِلَيْهِ بَلْوَاهُ ،عَلَّهُ يَلْقَى فِيهِ مُنْقِذًا مِنْ سُوءِ مَصِيرِهِ وَمُنْتَهَاهُ .
02/ مَوْضُوعُ الْقَصِيدِ:
ثَـــــوْرَةُ الشَّاعِرِ عَلَى الْأَوْضَاعِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَرَدِّيَةِ الرَّاهِنَةِ وَاِسْتِيَاؤُهُ مِنْهَا .
03/الْبَحْرُ:
هَذَا النَّصُّ يَدْخُلُ تَحْتَ طَائِلَةِ النُّصُوصِ النَّثْرِيَّةِ ، إِذْ أَنَّ صَاحِبَهُ الشَّاعِرَ حَمِيد النَّكَّادِي، لَمْ يَسْلُكْ فِي تَأْلِيفِهِ مَسْلَكَ الشُّعَرَاءِ الْمُلْتَزِمِينَ ،أَعْنِي الشُّعَرَاءَ الَّذِينَ يَسِيرُونَ عَلَى بَحْرٍ مِنَ الْبُحُورِ الْخَلِيلِيَّةِ، وَلَا اِلْتَزَمَ تَفْعِيلَةً أَوْ أَكْثَرَ فِي الدِّيبَاجَةِ الْعَامَّةِ لِهَذَا النَّصِّ.إِنَّمَا سَلَكَ، فِي تَرْكِيبَتِهِ ،مَسْلَكَ الْمُعَاصِرِينَ الْمُتَحَرِّرِينَ تَمَامًا مِنَ الْإِيقَاعِ الْكَلَاسِيكِيِّ، شَاهِدُهُ عَلَى شَاعِرِيَّتِهِ وَعْيُهُ وَإِلْمَامُهُ بِالْوَاقِعِ الْمَرِيرِ الَّذِي يَعِيشُهُ مِثْلَمَا يَعِيشُــهُ سَائِرُ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، وَأَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ وَأَقْرِبَائِهِ وَقَرِيبَاتِهِ مِنَ الْعَرَبِ وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ.
بَيْدَ أَنَّ  الْقَارِئَ الْمُتَابِعَ ،لَا يَفُوتُهُ أَنْ يُلَاحِظَ بَعْضَ الْأَسْجَاعِ أَوَاخِرَ بَعْضِ الْأَسْطُرِ، وَأَهَمُّهَا فِيمَا يُلَاحِظُهُ ،اِسْتِعْمَالُ كَلِمَاتٍ مَخْتُومَةٍ بِأَلِفِ الْمَدِّ وَالنُّونِ، وَمِنْهَا :الْأَرْكَانْ فِي السِّطْرِ الثَّانِي ،وَالزَّمَانْ فِي السِّطْرِ  الرَّابِعِ ،وَالْجِيرَانْ فِي السِّطْرِ الثَّامِنِ ،وَالْأَضْغَانْ فِي السِّطْرِ الْعَاشِرِ ،وَزَمَانْ : فِي السِّطْرِ الْحَادِي عَشَرَ ،وَحِمْلَانْ فِي السِّطْرِ السَّادِسَ عَشَرَ ،وَالْأَدْيَانْ فِي السِّطْرِ الثَّامِنَ عَشَرَ ، وَالنِّيرَانْ فِي السِّطْرِ الْعِشْرِينَ ،وَالْغِرْبَانْ فِي السِّطْرِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ ،وَبِإِنْسَانْ فِي السِّطْرِ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ.
هَذِهِ الْأَسْجَاعُ ، رُبَّمَا  تَكُونُ مَقْصُودَةً أَوْ عَفْوِيَّةً مِنْ لَدُنِ الشَّاعِرِ ،إِلَّا أَنَّ لَهَا وَقْعَهَا فِي نَفْسِ قَارِئِهَا، وَقْعًا حَزِينًا وَمُفْزِعًا  ،وَذَلِكَ أَنَّهَا تُشْعِرُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَسْرَةِ وَالْأَلَمِ لِأَنَّهُمَا يُعْتَبَرَانِ مِنَ الزَّفَرَاتِ الَّتِي يُصْعِدُهَا صَدْرُ قَائِلِهَا الَّذِي يَعِيشُهَا صَبَاحَ مَسَاءَ ،وَكُلَّمَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ ،وَكُلَّمَا دَخَلَ إِلَى مُؤَسَّسَةٍ ،وَكُلَّمَا عَايَشَ قَوْمَهُ وَعَايَنَ فِي أَفْرَادِهِ مَا عَايَنَهُ مِنْ عَلَامَاتِ الْوَهَنِ وَالْعَفَنِ ،وَزَيْغِهِمْ عَنْ أَسْبَابِ التَّطَوُّرِ  ،وَمُزَاحَمَةِ الْغَيْرِ فِي إِحْرَازِهِ مِنْ عُبَّادِ الْمَالِ وَالْحُسْنِ وَالْوَثَنِ .
لَكَأَنَّهُ ،بِهَذِهِ الْأَسْجَاعِ يُنَادِي الْإِنْسَانَ الْعَرَبِيَّ حَيْثُمَا تَرَاءَى، وَحَيْثُمَا كَانَ، بُغْيَةَ بَثِّهِ أَوْجَاعَهُ مِنْ أَوْضَاعِهِمِ الْمُزْرِيَةِ، وَعَدَمِ اِسْتِعْدَادِهِمْ لِلْوُقُوفِ بِمُسْتَوَى النِّدِّيَّةِ مَعَ سَائِرِ الدُّوَلِ الَّتِي أَسْمَتْ أَنْفُسَهَا بِالدُّوَلِ الْعُظْمَى،وَأَسْمَتْ بُلْدَانَنَا بِبُلْدَانِ الْعَالَمِ الثَّالِثِ ،وَهْيَ،لَعَمْرِي  تَسْمِيَةٌ لَا تُشَرِّفُ الْعَرَبِيَّ وَلَا الْعَرَبِيَّ الْمُسْلِمَ  ،وَلَا الْمُسْلِمَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ .
إِنَّهَا تَسْمِيَةٌ ،إِنْ كَانَ لَهَا مَدْلُولٌ إِلَى رُتْبَةٍ مِنَ الرُّتَبِ،فَمَدْلُولُهَا أَنَّنَا فِي الذَّيْلِ وَأَنَّهُمْ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَمِنَ الْأُوَلِ ، ،وَهْيَ لَعَمْرِي تَسْمِيَةٌ ظَالِمَةٌ قَاهِرَةٌ ،وَظُلْمُهَا أَوْ قَهْرُهَا حَيْفٌ وَتَجَاوُزٌ  لَا يَنْتَبِهُ إِلَيْهِمَا  إِلَّا الْمُفَكِّرُونَ وَالشُّعَرَاءُ ،ذَلِكَ أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي يَرَوْنَ، مِنْ خِلَالِهَا، الْأَشْيَاءَ وَالْحَيَاةَ وَالْأَحْيَاءَ بِالْكَمَالِ وَالتَّمَامِ ، غَيْرُ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْعَامَّةُ وَالطَّغَامُ .إِنَّهُمْ مِنْ ذَوِي الْإِحْسَاسِ الدَّقِيقِ ،وَالْوَعْيِ الْعَمِيقِ .
أَوَمَا كَانَ الشَّاعِرُ، بِالْأَمْسِ الْقَرِيبِ، رَئِيسَ قَبِيلَتِهِ ؟أَوَ مَا كَانَ قَلْبَهَا النَّابِضَ؟ أَوَ مَا كَانَ عَقْلُهَا الْمُسَيِّرَ ؟أَوَ مَا كَانَ الْمُدَافِعَ عَنْهَا بِشَرَاسَةٍ وَالْحَاكِمَ فِيهَا بِكِيَاسَةٍ ؟أَجَلْ، هُوَ ذَلِكَ، بَلْ كُلُّ ذَلِكَ ، أَمَّا الْيَوْمَ ،فَمَا بَقِيَ ،فِي شُعَرَائِنَا وَمُفَكِّرِينَا ،إِلَّا الْإِحْسَاسُ وَالْفِكْرَةُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ، فِي الْحَالِ أَنَّهُ،  عِنْدَ الْغَرْبِ وَالدُّوَلِ الْمُهَيْمِنَةِ الطَّاغِيَةِ أَوِ النَّازِعَةِ إِلَى الطُّغْيَانِ ،نَجِدُ أَنَّ أَرْبَابَ الْإِحْسَاسِ وَالْفِكْرِ هُمْ فِي صَدَارَةِ الْحَاكِمِينَ وَالْمُسَيِّرِينَ ،عِلْمًا مِنْ دُوَلِهِمْ أَوِ الْقَائِمِينَ بِهَا أَنْ لَا يَحْمِلُ الْمَصَابِيحَ غَيْرُهُمْ وَلَا تَصْدُرُ الْأَنْوَارُ عَنْ سِوَاهُمْ  .
04/الْعَنَاصِرُ:
مِنَ الْبَيِّنِ أَنَّ الشَّاعِرَ أَحْسَنَ اِسْتِغْلَالَ السِّطْرِ الْأَوَّلِ مِنْ قَصِيدَتِهِ أَيْ قَوْلَهُ :"أَلَــــــمْ تَرَ كَيْفَ؟"لِاِخْتِيَارِ الْكَلِمَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْهُ عِنْوَانًا لِقَصِيدَتِهِ هَذِهِ وَهْوَ :"أَلَـــــــــمْ تَــــــــرَ؟ "،وَهْوَ، فِي مَعْنَاهُ وَفِي مَرْمَاهُ أَقْوَى مِنْ مُفَادِ السِّطْرِ الْأَوَّلِ كَامِلًا بِكَلِمَاتِهِ الثَّلَاثِ.
لَقَدْ أَنْقَصَ الْكَلِمَةَ الْأَخِيرَةَ الَّتِي هِيَ :"كَيْفَ"، وَهْيَ أَدَاةُ اِسْتِفْهَامٍ تَبْحَثُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الرُّؤْيَةِ "، وَهَذَا الْإِنْقَاصُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُؤَجِّجَ الْإِحْسَاسَ لَدَى الْمُخَاطَبِ بِضَرُورَةِ مَعْرِفَةِ هَذَا النَّقْصِ، سَوَاءً كَانَ الْمَنْقُوصُ فِي مَقَامِ الْحَالِ أَوْ فِي مَقَامِ الْمَفْعُولِ بِه، وَهَذَا الْإِحْسَاسُ هُوَ مَا نُعَبِّرُ عَنْهُ بِالتَّشْوِيقِ.
بِهَذَا التَّشْوِيقِ ، فَإِنَّ الشَّاعِرَ يُبِينُ عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى اِخْتِيَارِ الْعِنْوَانِ الْأَنْسَبِ لِقَصِيدَتِهِ ،ذَلِكَ أَنَّ الْعَنَاوِينَ، فِي أَصْلِ وَضْعِهَا ، تُعْتَبَرُ مَدَاخِلَ إِلَى النُّصُوصِ وَأَدِلَّةً عَلَيْهَا وَهْيَ الَّتِي تُشَوِّقُ الْــــقُرَّاءَ لِقِرَاءَتِهَا  قِرَاءَةً تُشْبِعُ  نَهَمَهُمْ.
أ/مِنْ قَــــوْلِهِ :أَلَمْ تَــــــــــــــرَ [ س1] إِلَى قَوْلِهِ :الزَّمَــانْ [ س4]
عِنْوَانُهُ : تَدَهْوُرُ الْـــبُلْدَانِ الْعَرَبِيَّةِ فِي قِيَمِهَا وَأَخْلَاقِهَا .
خُلَاصَتُهُ:
مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنَ الْقَصِيدِ :أَنَّ الشَّاعِرَ بَدَأَهُ بِجُمْلَةٍ  قُرْآنِيَّةٍ ،وَهْيَ قَوْلـُــهُ :أَلَمْ تَرَ كَيْفَ؟ وَالّتِي هِيَ بِدَايَةُ سُورَةِ الْفِيلِ ،وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ الْاِقْتِبَاسِ ،وَمَعْنَاهُ تَضْمِينُ الْكَلَامِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآَنِ أَوِ الْحَدِيثِ.
أَمَّا الْآيَةُ : "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ" :هُنَا، فَإِنَّ الْخِطَابَ مُوَجَّهٌ مِنَ اللَهِ إِلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .أَمَّا الْغَايَةُ مِنْ هَذَا الْخِطَابِ فَتَذْكِيرُ اللَه ِرَسُولَهُ الْكَرِيمَ بِمَا فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ الَّتِي تَنُصُّ عَلَيْهَا الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ،مِنْ وُجُوهِ الدَّلَالَةِ عَلَى كَمَالِ اللَهِ وَقُدْرَتِهِ، وَعَلَى مَكَانَةِ نَبِيِّهِ السَّامِيَةِ .
مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ،  حُدُوثـُــهَا فِي سَنَةِ مِيلَادِ الرَّسُولِ، صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وَمِنْهَا، أَيْضًا ،إِفْشَالُ اللَهِ عَزْمَ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ، مَلِكِ الْيَمَنِ عَلَى تَحْقِيقِ غَايَتِهِ مِنْ بِنَاءِ بِيعَتِهِ(=الْبِيعَةُ:جَمْعُهَا :بِيَعٌ وَبِيَعَاتٌ وَبِيْعَاتٌ:الْمَعْبَدُ لِلنَّصَارَى وَالْيَهُودِ) بِصَنْعَاءَ الْمُتَمَـــــثِّـِّـــلَةِ فِي صَرْفِ الْحُجَّاجِ إِلَيْهَا بَدَلَ الْكَعْبَةِ ،وَعَزْمِهِ عَلَى هَدْمِ الْكَعْبَةِ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ .
إِنَّ اللَّافِتَ فِي ذَلِكَ  أَنَّ لَهُ فِيلًا قَوِيًّا اِسْمُهُ مَحْمُودٌ ،فَكَانَ، كُلَّمَا وَجَّهَهُ الْجُنُودُ إِلَى الْكَعْبَةِ، بَرَكَ مُمْتَنِعًا ،وَكُلَّمَا وَجَّهُوهُ إِلَى الْيَمَنِ أَوْ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ، أَسْرَعَ وَهَرْوَلَ ، وَمِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْمُلَاصِقَةِ لِهَذِهِ الْحَادِثَةِ ، الطُّيُورُ الْأَبَابِيلُ الْحَامِلَةُ حَجَرًا فِي مَنَاقِيرِهَا وَفِي سِيقَانِهَا ،وَكَانَ بِذَلِكَ هَلَاكُ قَوْمِ أَبْرَهَةَ .
لِنَنْظُرْ إِلَى جَمَالِيَّةِ الْآيَةِ الْقُرْآنِيَّةِ :"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ": جُمْلَةٌ اِسْتِفْهَامِيَّةٌ ،الْغَايَةُ مِنْهَا إِقْرَارُ الْـــمُشَاهَدَةِ  ،فَالرَّسُولُ، صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ هَذِهِ الْحَادِثَةَ ،فَقَدْ شَهِدَ آثَارَهَا وَسَمِعَ ،بِالتَّوَاتُرِ، أَخْبَارَهَا ، أَيْ أَنَّ الْقَوْمَ يُخْبِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِهَذِهِ الْحَادِثَةِ الْمُعْجِزَةِ الْإِلَهِــيَّــةِ فِي كَيْفِيَّةِ صِيَانَةِ بَيْتِهِ:الْكَعْبَةِ الشَّرِيفَةِ، وَذَلِكَ بِمَحْقِ الْمَلِكِ الطَّاغِيَةِ الْمُتَطَاوِلِ:أَبْرَهَةَ وَأَتْبَاعِهِ.
أَمَّا الشَّاِعرُ ،وَهْوَ الْمُسْلِمُ دِيَانَةً ، فَإِنَّهُ يَسْتَهِلُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ  نَصَّهُ ،لِوَعْيِهِ بِخُطُورَةِ مَوْضُوعِهِ الَّذِي سَيَطْرَحُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْاِسْتِفْهَامِيَّةِ الْإِلَهِيَّةِ الْبَلِيغَةِ، وَإِحْسَاسِهِ بِوُجُوبِ أَنْ يَعِيَ الْمُوَاطِنُ الْعَرَبِيُّ بِالْحَالَةِ الدُّونِيَّةِ الْمُتَرَدِّيَةِ الَّتِي آلَ إِلَيْهَا وَضَرُورَةِ مَعْرِفَةِ أَسْبَابِهَا ،وَالدَّأَبِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ سَبِيلٍ لِلْاِنْعِتَاقِ مِنْ عُنُقِ الزُّجَاجَةِ . إِنَّ الدَّاعِيَ إِلَى اِسْتِعْمَالِهِ هَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ كَتَاجٍ لِنَصِّهِ ،الَأَغْلَبُ فِي ذَلِكَ تَأَثُّرُهُ بِكَلَامِ اللَهِ، وَمَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ مِنْ بَلَاغَةٍ وَحُسْنِ بَيَانٍ .
ب/ مِنْ قَـــــوْلِهِ : أَيْنَنَــــــا [س5] إِلَى قَوْلِهِ : السَّـــــلَامْ [س 11]
عِنْوَانُهُ :حَسْرَةُ الشَّاعِرِ عَلَى اِنْدِثَارِ قِيمَةِ الْاِتِّحَادِ لَدَى الْعَرَبِ وَسَرَيَانِ الْحَسَدِ وَالشَّرِّ فِي أَوْسَاطِهِمْ.
خُلَاصَتُهُ:
أَنَّ الشَّاعِرَ يُقِيمُ الْفَوَارِقَ بَيْنَ عَصْرِنَا وَالْعُصُورِ الْمَاضِيَةِ  ،مِنْ خِلَالِ اِسْتِحْضَارِهِ شَخْصِيَّةً ،هِيَ رَمْزٌ لِلْكَرَمِ حَسْبُهَا أَنْ تَتَمَثَّلَ فِي  الشَّاعِرِ الْجَاهِلِيِّ :حَاتِمِ الطَّائِيِّ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْجُودِ وَالْكَرَمِ ،فِي الْحَالِ أَنَّ الشَّاعِرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الاِسْتِشْهَادُ بِهَا ،وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالتَّعْمِيمِ كَالْآتِي  :أَيْنَ كَرَمُنَا الْيَوْمَ مِنْ كَرَمِ أَجْدَادِنَا وَسَلَفِنَا الصَّالِحِ ؟ أَيْنَ تَعَاوُنُ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضِنَا لِتَخَطِّي أَعْتَابِ الْفَقْرِ وَالْقُلِّ  ؟
أَمَّا ،وَقَدِ اِسْتَحْضَرَ شَخْصِيَّةَ حَاتِمِ الطَّائِي ،فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَةَ الْكَرَمِ مَوْجُودَةٌ مُنْتَشِّرَةٌ ، وَالشَّاعِرُ يَتُوقُ إِلَى الرَّفْعِ مِنْ نَسَقِهَا إِلَى أَعْلَى عُلَاهَا ،وَهَذَا مَا لَمْ يُرِدِ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِالْمَرَّةِ ،وَرُبَّمَا بَرَّرْتُ ذَلِكَ ،بِأَنَّ الشَّاعِرَ وَاعِزُ الْعَاطِفَةِ طَاغٍ عَلَيْهِ وَعَلَى أَفْكَارِهِ.
عَلَى كُلِّ حَالٍ ، أَسْتَنْتِجُ أَنَّ الشَّاعِرَ  يَتَحَلَّى بِلَهْجَةِ الصِّدْقِ فِيمَا عَبَّرَ عَنْهُ مِنْ وَعْيٍ بِسَلْبِيَّاتِ مُجْتَمَعِهِ  وَحُبِّ الْخَيْرِ لِبَنِي جَنْسِهِ .
*لَا أَنْسَى أَنَّنِي اِسْتَبْدَلْتُ كَلِمَةَ :عطرَة فِي السِّطْرِ الثًّامِنِ بِكَلِمَةِ : طِيبَةِ :لِأَنَّ الْكَلِمَةَ الْأُولَى  لَا تُسْتَعْمَلُ فِي الُّلغَةِ الْعَرَبِيَّةِ عِطْرَة بِاِعْتِبَارِهَا اِسْمًا .نَقُولُ :الْعِطْرُ :وَجَمْعُهُ : عُطُورٌ :مَعْنَاهُ الطِّيبُ مُطْلَقًا ،أَمَّا تَأْنِيثُ هَذَا الَّلفْظِ ،فَلَا وُجُودَ لَهُ فِي لُغَتِنَا الْعَرَبِيَّةِ .
رُبَّمَا كَانَ فِي مَخْزُونِ الشَّاعِرِ مِنَ الْكَلَامِ الشَّعْبِيِّ الَّذِي لَهُ ،هُوَ أَيْضًا ،جَمَالِيَّتُهُ الْخَاصَّةُ .لَئِنْ تَمَسَّكَ شَخْصِيًّا  بِاِسْتِعْمَالِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ مُؤَنَّثَةً، فَلْيَجْعَلْهَا بَيْنَ ظِفْرَيْنِ وَلْيُشِرْ تَحْتَ الْقَصِيدَةِ إِلَى أنَّهَا مِنَ اللُّغَةِ الْعَامِّيَّةِ ،وَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْحِفَاظِ عَلَى الْأَمَانَةِ ،  وَلْيُسَامِحْنِي عَلَى هَذَا الْاِسْتِبْدَالِ  الَّذِي أَرَدْتُ بِهِ لَهُ وَلِعَمَلِهِ  خَيْرًا.
ج/ مِنْ قَوْلِــــــهِ :وَلَّى وَكَأَنْ [س12] إِلَى قَوْلِهِ : بِإِنْسَانْ [ س 23].
عِنْوَانُهُ :تَبَعْثُرُ الْقِيَمِ لَدَى الْعَرَبِ وَشِدَّةُ وَطْأَتِهَا عَلَى الشُّعُوبِ الْعَرَبِيَّةِ .
خُلَاصَتُهُ:
أَنَّ الشَّاعِرَ يُظْهِرُ فِيهِ أُفُولَ الْمَجْدِ الْعَرَبِيِّ بِتَقَهْقُرِهِ وَاِنْطِفَاءِ الْأَضْوَاءِ الْعَرَبِيَّةِ السَّابِقَةِ وَاِسْتِحَالَتِهَا فِي عَهْدِنَا إِلَى عَتَمَاتٍ وَكَثْرَةِ اِضْطِرَابَاتٍ وَسُوءِ تَقْدِيرَاتٍ ،فَمَا عَادَتِ الْمَنَاصِبُ الْعَلِيَّةُ تُعْطَى لِأَصْحَابِهَا الْأَكِفَّاءِ ،وَإِنَّمَا تُعْطَى لِمَنْ لَيْسَ جَدِيرًا بِهَا بِالْمَرَّةِ .
لَيْسَ أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ فَاتِحَةِ السِّطْرِ الرَّابِعَ عَشَرَ،وَهْوَ قَوْلُهُ :الرُّوَيْبِضَةُ ،وَالْكَلِمَةُ تَصْغِيرٌ لِكَلِمَةِ : الرَّابِضَةِ :الَّتِي هِيَ اِسْمُ فَاعِلٍ مِنْ رَبَضَ – يَرْبِضُ- رَبْضًا- وَرُبُوضًا وَرِبْضَةً .نَقُولُ: رَبَضَتِ الْإِبِلُ : بَرَكَتْ .وَرَبَضَ الْأَسَدُ عَلَى فَرِيسَتِهِ :بَرَكَ عَلَيْهَا . أَمَّا فِي الْقَصِيدِ ،فَالْمَقْصُودُ مِنَ الرُّوَيْبِضَةِ :تَصْغِيرُ الرَّابِضَةِ:مُؤَنَّثُ الرَّابِضِ أَيِ :الْعَاجِزِ عَنْ مَعَالِي الْأُمُورِ ،وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّصْغِيرِ:إِنَّمَا هُوَ  التَّحْقِيرُ .
05/الشَّاعِـــــــــرُ:
يَسْتَهِلُّ الشَّاعِرُ قَصِيدَهُ مُتَسَائِلًا مُسْتَنْكِرًا مُسْتَغْرِبًا هَذَا الْوَضْعَ الَّذِي آلَ إِلَيْهِ الْعَرَبُ ،وَهُمْ، حَالِيًّا ،يَعِيشُونَ فِي ظِلَالِهِ ،ثُمَّ فِي مَرْحَلَةٍ مُوَالِيَةٍ يَسْتَحْضِرُ أَوْضَاعَنَا الْمَاضِيَةَ مِنِ اِتِّحَادٍ وَتَآخٍ وَتَضَامُنٍ .أَمًّا فِي مَرْحَلَةٍ ثَالِثَةٍ وَأَخِيرَةٍ، فَقَدْ  قَرَّرَ وَاِسْتَقَرَّ فِكْرُهُ عَلَى نَتِيجَةٍ نِهَائِيَّةٍ  دَامِغَةٍ مُسْتَمَدَّةٍ مِنْ وَاقِعِ الْحَالِ الْعَرَبِيِّ ، وَهْوَ أَنَّ الصَّفْحَةَ الْجَمِيلَةَ الْعَامِرَةَ الَّتِي كُنَّا، بِالْأَمْسِ الْقَرِيبِ ،نَرْسُمُ عَلَيْهَا أَحْسَنَ رُسُومِنَا، قَدْ طَوَاهَا الْمَاضِي بِمَكْرِ الْمُنَافِسِينَ وَالْأَعْدَاءِ ،لِنَسْتَبْدِلَهَا حَاضِرًا بِصَفْحَةٍ دُونِيَّةٍ، أَقَــــــلُّ مَا يُقَالُ فِيهَا أَنَّ الْإِنْسَانَ فِيهَا يَفْتَقِدُ إِنْسَانِيَّتَهُ ، لِيُصْبِحَ مِنَ الْمُهَمَّشِينَ الضَّائِعِينَ الَّذِينَ لَا حَوْلَ لَهُمْ وَلَا قُوَّةَ ،وَذَلِكَ حُكْمٌ يَنْتَهِي إِلَيْهِ  الشَّاعِرُ مِنَ الْحِدَّةِ وَالشِّدَّةِ بِمَكَانٍ ،وَإِنْ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ، فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ثَوْرَتِهِ الْعَارِمَةِ عَلَى الْإِنْسَانِ الْعَرَبِيِّ فِي عَصْرِنَا هَذَا،جَرَّاءَ سَلْبِيَّاتِهِ وَعَدَمِ مُبَادَرَتِهِ إِلَى تَغْيِيرِ مَا بِنَفْسِهِ ،وَالسَّعْيِ، بِالتَّالِي ،إِلَى الْبِنَاءِ الْبِنَاءَ الْفِكْرِيَّ الْإِيجَابِيَّ  .
06/كَلِمَةُ الْخِتَامِ :
الشَّاعِرُ مِنْ خِلَالِ نَصِّهِ هَذَا يَبَانُ مُمْتَلِئًا بِكَلِمَاتِهِ وَجُمَلِهِ . يَعْرِفُ يَقِينَ مَعْرِفَةٍ ، كَيْفَ يَخْتَارُ كَلِمَاتِهِ الْمُعَبِّرَةَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا عَمَّا يُرِيدُ الْإِفْضَاءَ بِهِ مِنَ الْمَعَانِي .كَلِمَاتُهُ فِيمَا يُلَاحِظُهُ الْقَارِئُ النَّبِيهُ قَلِيلَةٌ فِي الظَّاهِرِ ،إِلَّا أَنَّكَ ،غِبَّ  قِرَاءَتِهَا ،تُحِسُّ ،بِصِدْقٍ، أَنَّهَا مُمْتَلِئَةٌ بِالْمَعَانِي وَالصُّوَرِ وَالْأَشْخَاصِ .
زِدْ، إِلَى ذَلِكَ، تَعَدُّدَ الْمَرْجَعِيَّاتِ الَّتِي يَعُودُ إِلَيْهَا الشَّاعِرُ بُغْيَةَ اِسْتِمْدَادِ مَا أَمْكَنَ مِنَ الْمَعَانِي الْمُنَاسِبَةِ لِلْمَوْضُوعِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِ مُعَالَجَتِهِ،فَمِنْ مَرْجَعِيَّاتٍ دِينِيَّةٍ وَأَهَمُّهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ ،وَأُخْرَى أَدَبِيَّةٌ وَشِعّْرِيَّةٌ عِنْدَ اِسْتِشْهَادِهِ بِالشَّاعِرَ الْجَاهِلِيِّ حَاتِمِ الطَّائِيِّ ،وَغَيْرُهَا اِجْتِمَاعِيَّةٌ ،إِذْ لَا يَخْفَى مِنْ خِلَالِ سُطُورِهِ النَّيِّرَاتِ أَنَّ لَهُ إِحْسَاسًا قَوِيًّا بِالْمُجْتَمَعِ الَّذِي يُعَايِشُهُ وَيَعِيشُ مَعَهُ الْحُلْوَ وَالْمُرَّ مِنَ الظُّرُوفِ .
هَذَا الشَّاعِرُ ، إِذَا اِسْتَمَرَّ فِي عَطَائِهِ الشِّعْرِيِّ ،وَزَادَ عَلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَمُحَاوَلَةِ الْوَفَاءِ، وَلَوْ جُزْئِيًّا لِلْإِيقَاعَاتِ الْخَلِيلِيَّةِ ،مَعَ النَّهْلِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ ،فَسَيَتَّضِحُ مَعَ الْأَيَّامِ تَمَيُّزُهُ .
*نِــــــــــــــــــــدَاءٌ :
يَا حَبَّذَا لَوْ أَنَّ الشُّعَرَاءَ أَوِ الشَّاعِرَاتِ الَّذِينَ يُرْسِلُونَ إِلَى مَجَلَّةِ شَهْرَزَادَ
نُصُوصَهُمُ الشِّعْرِيَّةَ يَشْكُلُونَهَا الشَّكْلَ التَّامَّ ،لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَعْلِيمِيَّةٌ بِالْأَسَاسِ ،
 وَيَرْسُمُونَ فِي بِدَايَتِهَا أَوْ نِهَايَتِهَا مُوجَزًا عَنْ حَيَاتِهمْ :[ * وِلَادَتَهُمْ –
 تَارِيخَهَا وَمَكَانَهَا *بَلَدَهُمْ وَجِنْسِيَّتَهُمْ * مِهْنَتَهُمْ * أَعْمَالَهُمْ :تَآلِيفَهُمْ إِنْ
 كَانَتْ لَهُمْ تَآلِيفُ أَوْ أَنَّهُمْ يَعْتَزِمُونَ إِصْدَارَ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ *هِوَايَتَهُمْ
أَوْ هِوَايَاتِهِمْ ،لَا لِشَيْءٍ إِلَّا لِلتَّعْرِيفِ بِهِمْ فِي صُورَةِ اِخْتِيَارِ إِحْدَى
قَصَائِدِهِمْ عِنْوَانًا لِتَكْرِيمِهِمْ ،وَلَرُبَّمَا يَقَعُ إِدْرَاجُهَا مُسْتَقْبَلًا فِي كُتُبِ
النُّصُوصِ ضِمْنَ الْبَرَامِجِ التَّرْبَوِيَّةِ لِغَايَةِ تَدْرِيسِهَا فِي إِحْدَى الْمَرْحَلَتَيْنِ :
الْإِعْدَادِيَّةِ أَوِ الثَّانَوِيَّةِ ،وَشُكْرًا .
📷

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...