خالد بن سعيد بن العاص
ــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 23-11- 2019
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي. يكنى أبا سعيد، أمه أم خالد بن حباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة من ثقيف....، والده زعيم في قريش، كان شابا هادىء السمت، ذكي الصمت، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كان النور يسري إلى قلبه، وكتم ما في نفسه خوفا من والده الذي لن يتوانى لحظة عن تقديمه قربانا لآلهة عبد مناف. عينته أمحبيبة (رملة بنت أبي سفيان) وكيلا لها عندما خطبها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
من المسلمون الاوائل أسلم قديماً، يقال: إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق، فكان ثالثاً أو رابعاً، وقيل: كان خامساً. وقال ضمرة بن ربيعة: كان إسلام خالد مع إسلام أبي بكر، وقالت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص: كان أبي خامساً في الإسلام. قلت: من تقدمه قالت: علي بن أبي طالب، وأبو بكر، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبي وقاص.
أبوه سعيد بن العاص، يكنى: ابا أحيحة، مات على كفره، كان أعز من بمكة، وكان شديدا عليه وعلى المسلمين. ولكن الله تعالى يخرج الحي من الميت وهو الذي قال - حين مرضه -: لئن رفعني الله من مرضى هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة ببطن مكة أبدا، فقال ابنه خالد عند ذلك: اللهم لا ترفعه. فتوفى في مرضه ذلك (ذكر ذلك الجزري في (أسد الغابة)، وابن عبد البر في (الاستيعاب) الحاكم في (المستدرك) على الصحيحين - عند ترجمة ابنه خالد).
أم خالد بن سعيد هي لبينة المعروفة بأم خالد بنت حباب (أو خباب) بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيرة بن معد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة وذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى
أن إسلامه كان قديما، وكان إسلامه قبل إخوته، وفى (الاستيعاب لابن عبد البر) - في ترجمته -: أنه أسلم قديما، يقال بعد أبي بكر فكان ثالثا أو رابعا، وقيل:
كان خامسا، وقال حمزة بن ربيعة: أسلم مع أبي بكر - وهذا القول هو الذي اختاره سيدنا - رحمه الله - في الأصل.
وذكر الحاكم في (المستدرك على الصحيحين): أنه أسلم قبل أبي بكر، وفي طبقات ابن سعد بسنده عن إبراهيم عن عقبة " قال: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: كان أبي خامسا في الاسلام، قلت: فمن تقدمه؟ قالت: ابن أبي طالب وابن أبي قحافة وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص وأسلم أبي قبل الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، وهاجر في المرة الثانية وأقام بها بضع عشرة سنة، وولدت أنا بها، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فأسهموا لنا، ثم رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقمنا، وخرج أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، وغزا معه إلى الفتح هو وعمي - تعني عمرا - وخرجا معه إلى تبوك، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي عاملا على صدقات اليمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي باليمن ".
وروى أيضا " عن محمد بن عمر (الواقدي) قال: حدثني جعفر بن محمد ابن خالد عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال: أقام خالد - بعد أن قدم من أرض الحبشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلمبالمدينة، وكان يكتب له، وهو الذي كتب كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف، وهو الذي مشى في الصلح بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ".وروى أيضا عن محمد بن عمر (الواقدي) بسنده أنه " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد عامله على اليمن " وبسنده " توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد عامله على صدقات مذحج ".
وكان بدء إسلامه - على ما ذكره ابن سعد في الطبقات عن محمد بن عمر (الواقدي) بسنده قال: كان إسلام خالد بن سعيد قديما وكان أول إخوته أسلم. وكان بدء إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار - فذكر من سعتها ما الله به أعلم - ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها، ويرى رسول الله آخذا بحقويه لئلا يقع، ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إن هذه لرؤيا حق، فلقي أبا بكر بن أبي قحافة فذكر ذلك له، فقال أبو بكر: أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الاسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها، وأبوك واقع فيها، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو باجياد، فقال:
يا محمد إلى ما تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فاني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله باسلامه ".
وذكر مثله الحاكم في المستدرك طبع حيدر آباد دكن وزاد قوله: " وأرسل أبوه في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم، ورافعا مولاه فوجده فاتوا به إياه أبا أحيحة فأنبه وبكته وضربه بصريمة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال: اتبعت محمدا وأنت ترى خلاف قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيبه من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق والله واتبعته، فغضب أبوه أبو أحيحة ونال منه وشتمه، ثم قال: إذهب يا لكع حيث شئت، والله لأمنعنك القوت، فقال خالد: إن منعتني فان الله عز وجل يرزقني ما أعيش به، فأخرجه وقال لبنيه لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به، فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يكرمه ويكون معه ".
وذكر ذلك أيضا الذهبي في هامش المستدرك ولكن باختصار للقصة، وذكر القصة ابن الأثير الجزري مثل ما ذكره الحاكم في المستدرك من أسد الغابة، وابن حجر - في ترجمته - من الإصابة، ولكن باختصار، وابن عبد البر - في ترجمته - من الاستيعاب.
وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج المسلمون إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فخرج معهم، وكان أبوه شديداً على المسلمين، وكان أعز من بمكة، فمرض فقال: لئن الله رفعني من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة. فقال ابنه خالد عند ذلك: اللهم لا ترفعه. فتوفي في مرضه ذلك.
وهاجر خالد إلى الحبشة ومعه امرأته أميمة بنت خلف الخزاعية، وولد له بها ابنه سعيد بن خالد، وابنته أم خالد، واسمها أمة، وهاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد بن العاص، وقدما على رسول الله بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين، فكلم رسول الله المسلمين، فأسهموا لهم.
اشترالاعلام للذهبيك مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكّة، وحنين، والطائف، وتبوك
جهاده مع الرسول كان خالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة الثانية، وعاد مع إخوانه الى المدينة سنة سبع فوجدوا المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر، وأقام -رضي الله عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ويحضر جميع المشاهد، وقد جعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته واليا على اليمن.
خلافة أبوبكر لما وصل نبأ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لخالد في اليمن عاد من فوره الى المدينة، وعلى الرغم من معرفته لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التي ترى أحقية بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي بن أبي طالب ولم يبايع أبا بكر، ولم يكرهه أبوبكر على ذلك، وإنما بقي على حبه وتقديره له، حتى جاء اليوم الذي غير فيه خالد رأيه فشق الصفوف في المسجد وأبو بكر على المنبر، فبايعه بيعة صادقة.
عزله عن الإمارة يُسير أبو بكر الجيوش للشام، ويعقد ل{ خالد بن سعيد } لواء، فيصير أحد أمراء الجيوش، إلا أن عمر بن الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغير ذلك، ويبلغ النبأ خالدا فيقول: { والله ما سرتنا ولايتكم، ولا ساءنا عزلكم }.ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار خالد معتذرا له مفسرا له هذا التغيير، ويخيره مع من يكون من القادة: مع عمرو بن العاص ابن عمه أو مع شرحبيل بن حسنة، فيجيب خالد: { ابن عمي أحب الي في قرابته، وشرحبيل أحب الي في دينه }.ثم يختار كتيبة شرحبيل، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه- شرحبيل وقال له: { انظر خالد بن سعيد، فاعرف له من الحق عليك، مثل ما كنت تحب أن يعرف من الحق لك، لو كنت مكانه، وكان مكانك.
انك لتعرف مكانته في الإسلام، وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال، ولقد كنت ولّيته ثم رأيت غير ذلك، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه، فما أغبط أحدا بالإمارة.وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على ابن عمه، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى رأي التقي الناصح، فليكن أول من تبدأ به: أبوعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا، وإياك
وفاته
اـــــــــ ستعمل أبو بكر خالداً على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام، فقتل بمرج الصفر في خلافة أبي بكر، وقيل: كانت وقعة مرج الصفر سنة 14 هـ في صدر خلافة عمر. وقيل: بل كان قتله في وقعة أجنادين بالشام قبل وفاة أبي بكر بأربع وعشرين ليلة، وقد اختلف أصحاب السير في وقعة أجنادين، ووقعة الصفر، ووقعة اليرموك، أيها قبل الأخرىستبداد الرأي دونهم، أو إخفاءه عنهم }.
المصادر
ــــــــــــــ
1 ـ تاريخ دمشق لابن عساكر
2 ـ سير أعلام النبلاء للذهبي
3 ـ الإصابة لابن حجر العسقلاني
4- المستدرك للحاكم
5- الاستيعاب لابن عبد البر
6- اسد الغابة للجرزي
7- الفتوح للواقدي
8- الطبقات لابن سعد
9- الاعلام للذهبي
ــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 23-11- 2019
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي. يكنى أبا سعيد، أمه أم خالد بن حباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة من ثقيف....، والده زعيم في قريش، كان شابا هادىء السمت، ذكي الصمت، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كان النور يسري إلى قلبه، وكتم ما في نفسه خوفا من والده الذي لن يتوانى لحظة عن تقديمه قربانا لآلهة عبد مناف. عينته أمحبيبة (رملة بنت أبي سفيان) وكيلا لها عندما خطبها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
من المسلمون الاوائل أسلم قديماً، يقال: إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق، فكان ثالثاً أو رابعاً، وقيل: كان خامساً. وقال ضمرة بن ربيعة: كان إسلام خالد مع إسلام أبي بكر، وقالت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص: كان أبي خامساً في الإسلام. قلت: من تقدمه قالت: علي بن أبي طالب، وأبو بكر، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبي وقاص.
أبوه سعيد بن العاص، يكنى: ابا أحيحة، مات على كفره، كان أعز من بمكة، وكان شديدا عليه وعلى المسلمين. ولكن الله تعالى يخرج الحي من الميت وهو الذي قال - حين مرضه -: لئن رفعني الله من مرضى هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة ببطن مكة أبدا، فقال ابنه خالد عند ذلك: اللهم لا ترفعه. فتوفى في مرضه ذلك (ذكر ذلك الجزري في (أسد الغابة)، وابن عبد البر في (الاستيعاب) الحاكم في (المستدرك) على الصحيحين - عند ترجمة ابنه خالد).
أم خالد بن سعيد هي لبينة المعروفة بأم خالد بنت حباب (أو خباب) بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيرة بن معد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة وذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى
أن إسلامه كان قديما، وكان إسلامه قبل إخوته، وفى (الاستيعاب لابن عبد البر) - في ترجمته -: أنه أسلم قديما، يقال بعد أبي بكر فكان ثالثا أو رابعا، وقيل:
كان خامسا، وقال حمزة بن ربيعة: أسلم مع أبي بكر - وهذا القول هو الذي اختاره سيدنا - رحمه الله - في الأصل.
وذكر الحاكم في (المستدرك على الصحيحين): أنه أسلم قبل أبي بكر، وفي طبقات ابن سعد بسنده عن إبراهيم عن عقبة " قال: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: كان أبي خامسا في الاسلام، قلت: فمن تقدمه؟ قالت: ابن أبي طالب وابن أبي قحافة وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص وأسلم أبي قبل الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، وهاجر في المرة الثانية وأقام بها بضع عشرة سنة، وولدت أنا بها، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فأسهموا لنا، ثم رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقمنا، وخرج أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، وغزا معه إلى الفتح هو وعمي - تعني عمرا - وخرجا معه إلى تبوك، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي عاملا على صدقات اليمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي باليمن ".
وروى أيضا " عن محمد بن عمر (الواقدي) قال: حدثني جعفر بن محمد ابن خالد عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال: أقام خالد - بعد أن قدم من أرض الحبشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلمبالمدينة، وكان يكتب له، وهو الذي كتب كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف، وهو الذي مشى في الصلح بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ".وروى أيضا عن محمد بن عمر (الواقدي) بسنده أنه " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد عامله على اليمن " وبسنده " توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد عامله على صدقات مذحج ".
وكان بدء إسلامه - على ما ذكره ابن سعد في الطبقات عن محمد بن عمر (الواقدي) بسنده قال: كان إسلام خالد بن سعيد قديما وكان أول إخوته أسلم. وكان بدء إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار - فذكر من سعتها ما الله به أعلم - ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها، ويرى رسول الله آخذا بحقويه لئلا يقع، ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إن هذه لرؤيا حق، فلقي أبا بكر بن أبي قحافة فذكر ذلك له، فقال أبو بكر: أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الاسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها، وأبوك واقع فيها، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو باجياد، فقال:
يا محمد إلى ما تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فاني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله باسلامه ".
وذكر مثله الحاكم في المستدرك طبع حيدر آباد دكن وزاد قوله: " وأرسل أبوه في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم، ورافعا مولاه فوجده فاتوا به إياه أبا أحيحة فأنبه وبكته وضربه بصريمة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال: اتبعت محمدا وأنت ترى خلاف قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيبه من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق والله واتبعته، فغضب أبوه أبو أحيحة ونال منه وشتمه، ثم قال: إذهب يا لكع حيث شئت، والله لأمنعنك القوت، فقال خالد: إن منعتني فان الله عز وجل يرزقني ما أعيش به، فأخرجه وقال لبنيه لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به، فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يكرمه ويكون معه ".
وذكر ذلك أيضا الذهبي في هامش المستدرك ولكن باختصار للقصة، وذكر القصة ابن الأثير الجزري مثل ما ذكره الحاكم في المستدرك من أسد الغابة، وابن حجر - في ترجمته - من الإصابة، ولكن باختصار، وابن عبد البر - في ترجمته - من الاستيعاب.
وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج المسلمون إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فخرج معهم، وكان أبوه شديداً على المسلمين، وكان أعز من بمكة، فمرض فقال: لئن الله رفعني من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة. فقال ابنه خالد عند ذلك: اللهم لا ترفعه. فتوفي في مرضه ذلك.
وهاجر خالد إلى الحبشة ومعه امرأته أميمة بنت خلف الخزاعية، وولد له بها ابنه سعيد بن خالد، وابنته أم خالد، واسمها أمة، وهاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد بن العاص، وقدما على رسول الله بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين، فكلم رسول الله المسلمين، فأسهموا لهم.
اشترالاعلام للذهبيك مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكّة، وحنين، والطائف، وتبوك
جهاده مع الرسول كان خالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة الثانية، وعاد مع إخوانه الى المدينة سنة سبع فوجدوا المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر، وأقام -رضي الله عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ويحضر جميع المشاهد، وقد جعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته واليا على اليمن.
خلافة أبوبكر لما وصل نبأ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لخالد في اليمن عاد من فوره الى المدينة، وعلى الرغم من معرفته لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التي ترى أحقية بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي بن أبي طالب ولم يبايع أبا بكر، ولم يكرهه أبوبكر على ذلك، وإنما بقي على حبه وتقديره له، حتى جاء اليوم الذي غير فيه خالد رأيه فشق الصفوف في المسجد وأبو بكر على المنبر، فبايعه بيعة صادقة.
عزله عن الإمارة يُسير أبو بكر الجيوش للشام، ويعقد ل{ خالد بن سعيد } لواء، فيصير أحد أمراء الجيوش، إلا أن عمر بن الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغير ذلك، ويبلغ النبأ خالدا فيقول: { والله ما سرتنا ولايتكم، ولا ساءنا عزلكم }.ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار خالد معتذرا له مفسرا له هذا التغيير، ويخيره مع من يكون من القادة: مع عمرو بن العاص ابن عمه أو مع شرحبيل بن حسنة، فيجيب خالد: { ابن عمي أحب الي في قرابته، وشرحبيل أحب الي في دينه }.ثم يختار كتيبة شرحبيل، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه- شرحبيل وقال له: { انظر خالد بن سعيد، فاعرف له من الحق عليك، مثل ما كنت تحب أن يعرف من الحق لك، لو كنت مكانه، وكان مكانك.
انك لتعرف مكانته في الإسلام، وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال، ولقد كنت ولّيته ثم رأيت غير ذلك، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه، فما أغبط أحدا بالإمارة.وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على ابن عمه، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى رأي التقي الناصح، فليكن أول من تبدأ به: أبوعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا، وإياك
وفاته
اـــــــــ ستعمل أبو بكر خالداً على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام، فقتل بمرج الصفر في خلافة أبي بكر، وقيل: كانت وقعة مرج الصفر سنة 14 هـ في صدر خلافة عمر. وقيل: بل كان قتله في وقعة أجنادين بالشام قبل وفاة أبي بكر بأربع وعشرين ليلة، وقد اختلف أصحاب السير في وقعة أجنادين، ووقعة الصفر، ووقعة اليرموك، أيها قبل الأخرىستبداد الرأي دونهم، أو إخفاءه عنهم }.
المصادر
ــــــــــــــ
1 ـ تاريخ دمشق لابن عساكر
2 ـ سير أعلام النبلاء للذهبي
3 ـ الإصابة لابن حجر العسقلاني
4- المستدرك للحاكم
5- الاستيعاب لابن عبد البر
6- اسد الغابة للجرزي
7- الفتوح للواقدي
8- الطبقات لابن سعد
9- الاعلام للذهبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق