الاثنين، 15 يوليو 2019

د. غالب قرالة يكتب .....

د.غالب القرالة
رأي في الشعر الحديث –ج9--أ--
مدرسة الغابة والصحراء
مدرسة الغابة والصحراء هي حركة شعرية ثقافية تأسست في أوائل الستينات من القرن الماضي، وتعد من أبرز تيارات الحداثة الثقافية والأدبية في السودان في القرن العشرين رأت في مفهوم التمازج العربي الذي رمزت له بالصحراء و الأفريقي ودلت عليه بالغابة كخطاب لمسألة الهوية السودانية.
تأسيسها وبدايتها
تأسست كرابطة ثقافية في جامعة الخرطوم عام 1962 باسم مدرسة الغابة والصحراء وضمت بعض طلاب الجامعة وخريجيها وفي طليعتهم النور عثمان أبكر، ومحمد المكي إبراهيم و محمد عبدالحي.
المؤسسون
النور عثمان أبكرالذي أبتكر التسمية
محمد عبدالحي
محمد المكي إبراهيم
يوسف عيدابي
عبد الله شابو
كما ينتمي إليها إسحق إبراهيم إسحق، و على المك و مصطفى سند (شاعر) و صلاح أحمد إبراهيم
فكرة المدرسة
تقوم فكرة مدرسة الغابة والصحراء على انتماء الشعر السوداني إلى التمازج العربي الإفريقي «والذي يرمز له بالغابة رمز الأفرقانية والصحراء رمز العروبة» وهذا التمازج العربي الأفريقي في السودان هو الذي يشكل الأصل في الثقافة السودانية حسب هذه المدرسة التي تعتبر في حد ذاتهارمزية دلالية للعنصر الأفريقي الذي تمثله الغابة والعنصر العربي الذي تمثله الصحراء وهي بذلك تجسد الواقع الجغرافي السوداني والبيئة السودانية حيث تمتد الصحراء في السودان من الشمال حتى تخوم الوسط وشمال الوسط حيث تقطن أغلبية القبائل العربية أو تلك المتحدثة باللغة العربية ثم يليها نطاق السافانا ذو الأعشاب والحشائش والسافانا الغنية ومنطقة الغابات الإستوائية في الجنوب وجنول الوسط موطن القبائل غير الغربية ووجدت المدرسة ضالتها في نموذج السلطنة الزرقاء التي سادت السودان أبان القرون الوسطى  بتحالف بين قبائل العبدلاب العرب و الفونج غير العرب ، أي بتلاقح العنصرين الثقافيين العربي والأفريقي والذي شكل النواة السودان المعاصر .
هدفها
كانت غاية هذه المدرسة هي تكوين إتجاه في الأدب السوداني يدعو للبحث عن الكيان القومي والذاتية السودانية المتميزة وذلك لمخاطبة مسألة الهوية السودانيةولم يكن لها هدف سياسي واضح بقدرما ما كانت حركة فكرية ثقافية ولذلك فإن أثرها في محاولات تغيير الواقع المعاش في السودان كتن ضعيفاً للغاية.
الإنتقادات التي واجهتها
وصف الكاتب السوداني عبد الله علي إبراهيم  في حوار له في صحيفة الرأي العام السودانية شعراء الغابة والصحراء بأنهم كانوا جيلاً «مفعماً باليسارية السمحة اختلطت عندهم الممارسة بالتنظير بمعنى إنهم كانوا يساريين رومانسيين لا واقعيين. ورفض إبراهيم الفكرة التي تستند عليها المدرسة والطرح الذي تتبناه لأن موضوع الهوية في نظره هو أكثر من مجرد «معادلة ثقافية رائعة وجميلة كالذي تطرحه الغابة والصحراء، وقال أنه اكتشف تبسيطية هذه المعادلة حينما بدأ ينظر في ينابيعها الثقافية والنظرية والمعرفية . ويمضي معترفاً بقيمتها الأدبية العالية، وقال لم أنكر في يوم من الأيام أن شعرها من أجمل ما تقرأ من الشعر. بل وأكاد أستشهد به من غير انقطاع. ولكن الشعر شيء وأعذب الشعر أكذبه .
كما شهدت المدرسة صراعا بين روادها أنفسهم في تفسير مفاهيمها. ففي حين يذهب فريق يتقدمه النور عثمان أبكر إلى تغليب العنصر الإفريقي على العربي ويشكك في عروبته ويقول " عربي ... ولكن" يميل صلاح أحمد إبراهيم إلى المكون العربي وينبري عن الدفاع عنه واصفا تساؤلات النور عثمان أبكر وشكوكه بأنها عنصرية ولا معنى لها ولا يمكن أن تكون لها إجابة نهائية أو قيمة حقيقية وهي تساؤلات سياسية في نظره وبمثابة مراجعة لمواقفنا الرائعة والتشكيك فيها وإن وضع العروبة مقابل الإفريقية هو خبث ومحاولة لطمث العروبة وينتهي ليقول : لا يا نور .. نحن عرب العرب. . أما محمد عبد الحي فيرى فيها عودة إلى الجذور الأصلية المنسية وإلى الثقافة التي ينشدها وهي ثقافة هجين وفي ذلك يقول: «هي أفريقية أصلاً ولكنها عربية الملامح».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع بين الناس..بقلم الشاعر/كمال الدين حسين

 صداعُ الفكرِ في أُذني ورأسي أتاني منْ صراعٍ بين ناسٍ فلا عادَ الأنامُ على وصالٍ مع الأصحابِ في زمنِ المآسي فصارَ الكلُّ مشغولاً بنفعٍ لهمْ ...