----_______ ما وراء الجنون _______----
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ قصة ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
٠٠٠٠٠٠ كل سكان القرية يعرفون عباس ذاك الذي جاء ذات يوم من الشمال وأتكأ على حائط عم عثمان ونام وهو يقول كلاما غير مفهوم فأعتقد الجميع أنه مجنون من خلال حديثه وملابسه وحركاته متخذا ذلك المكان مقرا له رغم الحر والقر ولكن لا أحد يعرف حكايته وسر جنونه،،،،،،،،
ذات ليلة صيفية وأنا عائد من مقهى,,,, بن جويد ,,,, سمعته يحاور نفسه فإقتربت منه بحذر وأشعلت سجارة قدمتهاله قائلا مع من تحك يا عم عباس فظحك حتى كاد يسقط على ظهره ثم قال لي أحك مع حبيبتي فقلت له بكل عفوية وخوف وأين هي قال لي إجلس هنا وسأحك لك عنها ،،،،،
٠٠٠٠ مات أبي بعد ولادتي بشهور وحلت بعده سنوات عجاف باعت أمي كل ماتملك من فضة ونحاس وأثاث بسيط ثم دخلت البيوت خادمة منتقلة من سيد لآخر حتى إستقرت بمنزل مدير البنك الذي لاقت فيه المعاملة الحسنة من السيدة والسيد
٠٠٠٠٠٠كنت أنذاك في السنة الرابعة إبتدائي و في العاشرة من عمري صاحب أحسن معدل بالمدرسة وفخر المدير والمعلمين ،،،،،،
وكانت للسيد مدير البنك إبنة في سنتها الأولى الدراسية فأقترح على أمي أن نراجع معا لأعانتها على بعض الدروس
دخلت لأول مرة تلك الفيلا الواسعة الأفنان الشاسعة الأطراف الفسيحة بحديقتها الغناء فأستقبلني السيد المدير وزوجته بالقبلات والترحيب
مرت السنوات مليئة بالشهائد والسعادة فألتحقت بالجامعة وهند في سنواتها الأخيرة بالمعهد
٠٠٠٠٠٠تم تعيين السيد المدير وزيرا بإحدى الوزارات وعليه الإنتقال للعمل بالعاصمة طلب من أمي البقاء بالمنزل للسهر على سلامته والعيش فيه
٠٠٠٠٠٠وذات صباح سمعت السيد المدير يناديني صباح الخير ياولدي هيا نشحن الأمتعة مع العملة إنه يوم الرحيل ولما إقتربت منه بعين باكية دنى منى ومسح بكفيه دموعي ثم أدخل يده في جيبه وأخرج لفافة من الأوراق النقدية وقال لي هذا المبلغ إحتفظ به لوقت الشدة والآن إذهب إلى هند وخفف عنها ألم الفراق فلم يعد وقتا للرحيل
قبل الصعود لحجرة هند وجدت زوجة السيد المدير في أحضان أمي باكية بألم شديد
٠٠٠٠٠٠ صعدت الدرجات فتحت الباب فوجدتها فوق السرير ودموعها على الخدين كأنها الجمر وبين يديها ورقة حين أحست بدخولي أفاقت من شرودها وقالت لي وهي دامعة العينين لتكن هذه الحجرة حجرتك وهذه أول رسالة أكتبها في حياتي فحافظ عليها وهذه أجمل صورة عندي لتبق معك وغلبتها الدموع وأمي تنادي هيا عزيزتي أبوك وأمك ينتظرانك بالسيارة
٠٠٠٠٠ لملمت حقيبتها ووقفت أمامي تغالب الدموع وقبل أن تعيد أمي النداء خرجت متعثرة نازلة الدرجات لترتمي بين أحضان أمي باكية بحرقة وداع الوطن ثم أسرعت إلى السيارة
وبعد قليل هدأت الحركة وسكن كل شئ لأنه لم يبق في الفيلا سوى أنا وأمي
دخلت حجرة هند وجدت الرسالة كما تركتها على الطاولة مخضبة بالدموع وكذلك منديلها
أخذت الرسالة بين يدي وبدأت أقرأ بكل لهفة
٠٠٠٠٠ إلى الأمل الذي أحيا وأعيش عليه ،،،إلى أعز من عرفت وما ملكت في هذا الوجود،،،،صديقي وحبيبي وأستاذي عباس. رغم أني لم أتعود كتابة الرسائل ها أنا أكتب إليك أكتب بالدموع والدماء فمن أكون وماذا أكون بعدك وفي بعدك
أحبك أيها الفجر الذي أفقت عليه ولاأريده غروبا في حياتي
حبيبي أوصيك بطنطا خيرا وأجعل من حجرتي معبد الحب المقدس وشجرة الزيتون التي كنا نجلس تحتها مقبرة للدموع والإحساس لقد تركت لك منديلي المخضب بالدموع فأتركه كما هو ولا تمسه حتى بالعطر فدموعي عندك أغلى من العطر وأطيب منه
وتركت لك تحت المخدة مبلغا صغيرا من المال وهو كل ما أملك ربما لا نلتقي لا قدر الله
حبيبي آن أوان الرحيل فأعذرني إن لم أستطع مقاومة الدموع ،،،أحبك يا أجمل وأغلى من عرفت في حياتي،،،،،أحبك،،،،
أغلقت الحجرة على نفسي وبكيت. بكيت كأم تفقد كل أبناءها في حرب لا ناقة لها فيها ولاجمل
بكيت بألم حاد وحرقة قاتلة وأضربت عن الأكل في ذلك اليوم
٠٠٠٠٠٠٠ في تلك الليلة نمت مع الفجر وفي النوم حلمت أني ببئر عميقة القرار داكنة الظلام وحيدا لا حول لي ولا قوة ناديت فلا من مجيب بكيت فلم ينفع البكاء وعلى هذا الحلم أفقت مذعورا وقصصت على أمي فقالت لي هذا الحلم المزعج بسبب قلة النوم ولكن لا بأس ياولدي عندما تخرج لشراء الخبز إشتري خبزة إضافية وأمنحها لأول سائل في طريقك للتطير ،،،،،
٠٠٠٠٠٠وقبل أن أخرج لشراء الخبز سمعت صوت منبه بالباب الخارجي فأسرعت أستطلع الخبر وتبعتني أمي فوجدنا السيد رئيس مركز المدينة قائلا البقاء لله لقد مات السيد المدير وأفراد عائلته بحادث مرور في الطريق للعاصمة ،،،،
وجذب عباس منديلا من جيبه قائلا أرأيت هذا إنه هي هي حبيبتي،،،،،،،،
٠٠٠٠٠ تحيات٠٠ الشاعر و الكاتب ٠٠ الصادق القاهري ٠٠٠٠٠٠
*** بولعابة القصرين في 23 3 2019 تونس ***
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ قصة ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
٠٠٠٠٠٠ كل سكان القرية يعرفون عباس ذاك الذي جاء ذات يوم من الشمال وأتكأ على حائط عم عثمان ونام وهو يقول كلاما غير مفهوم فأعتقد الجميع أنه مجنون من خلال حديثه وملابسه وحركاته متخذا ذلك المكان مقرا له رغم الحر والقر ولكن لا أحد يعرف حكايته وسر جنونه،،،،،،،،
ذات ليلة صيفية وأنا عائد من مقهى,,,, بن جويد ,,,, سمعته يحاور نفسه فإقتربت منه بحذر وأشعلت سجارة قدمتهاله قائلا مع من تحك يا عم عباس فظحك حتى كاد يسقط على ظهره ثم قال لي أحك مع حبيبتي فقلت له بكل عفوية وخوف وأين هي قال لي إجلس هنا وسأحك لك عنها ،،،،،
٠٠٠٠ مات أبي بعد ولادتي بشهور وحلت بعده سنوات عجاف باعت أمي كل ماتملك من فضة ونحاس وأثاث بسيط ثم دخلت البيوت خادمة منتقلة من سيد لآخر حتى إستقرت بمنزل مدير البنك الذي لاقت فيه المعاملة الحسنة من السيدة والسيد
٠٠٠٠٠٠كنت أنذاك في السنة الرابعة إبتدائي و في العاشرة من عمري صاحب أحسن معدل بالمدرسة وفخر المدير والمعلمين ،،،،،،
وكانت للسيد مدير البنك إبنة في سنتها الأولى الدراسية فأقترح على أمي أن نراجع معا لأعانتها على بعض الدروس
دخلت لأول مرة تلك الفيلا الواسعة الأفنان الشاسعة الأطراف الفسيحة بحديقتها الغناء فأستقبلني السيد المدير وزوجته بالقبلات والترحيب
مرت السنوات مليئة بالشهائد والسعادة فألتحقت بالجامعة وهند في سنواتها الأخيرة بالمعهد
٠٠٠٠٠٠تم تعيين السيد المدير وزيرا بإحدى الوزارات وعليه الإنتقال للعمل بالعاصمة طلب من أمي البقاء بالمنزل للسهر على سلامته والعيش فيه
٠٠٠٠٠٠وذات صباح سمعت السيد المدير يناديني صباح الخير ياولدي هيا نشحن الأمتعة مع العملة إنه يوم الرحيل ولما إقتربت منه بعين باكية دنى منى ومسح بكفيه دموعي ثم أدخل يده في جيبه وأخرج لفافة من الأوراق النقدية وقال لي هذا المبلغ إحتفظ به لوقت الشدة والآن إذهب إلى هند وخفف عنها ألم الفراق فلم يعد وقتا للرحيل
قبل الصعود لحجرة هند وجدت زوجة السيد المدير في أحضان أمي باكية بألم شديد
٠٠٠٠٠٠ صعدت الدرجات فتحت الباب فوجدتها فوق السرير ودموعها على الخدين كأنها الجمر وبين يديها ورقة حين أحست بدخولي أفاقت من شرودها وقالت لي وهي دامعة العينين لتكن هذه الحجرة حجرتك وهذه أول رسالة أكتبها في حياتي فحافظ عليها وهذه أجمل صورة عندي لتبق معك وغلبتها الدموع وأمي تنادي هيا عزيزتي أبوك وأمك ينتظرانك بالسيارة
٠٠٠٠٠ لملمت حقيبتها ووقفت أمامي تغالب الدموع وقبل أن تعيد أمي النداء خرجت متعثرة نازلة الدرجات لترتمي بين أحضان أمي باكية بحرقة وداع الوطن ثم أسرعت إلى السيارة
وبعد قليل هدأت الحركة وسكن كل شئ لأنه لم يبق في الفيلا سوى أنا وأمي
دخلت حجرة هند وجدت الرسالة كما تركتها على الطاولة مخضبة بالدموع وكذلك منديلها
أخذت الرسالة بين يدي وبدأت أقرأ بكل لهفة
٠٠٠٠٠ إلى الأمل الذي أحيا وأعيش عليه ،،،إلى أعز من عرفت وما ملكت في هذا الوجود،،،،صديقي وحبيبي وأستاذي عباس. رغم أني لم أتعود كتابة الرسائل ها أنا أكتب إليك أكتب بالدموع والدماء فمن أكون وماذا أكون بعدك وفي بعدك
أحبك أيها الفجر الذي أفقت عليه ولاأريده غروبا في حياتي
حبيبي أوصيك بطنطا خيرا وأجعل من حجرتي معبد الحب المقدس وشجرة الزيتون التي كنا نجلس تحتها مقبرة للدموع والإحساس لقد تركت لك منديلي المخضب بالدموع فأتركه كما هو ولا تمسه حتى بالعطر فدموعي عندك أغلى من العطر وأطيب منه
وتركت لك تحت المخدة مبلغا صغيرا من المال وهو كل ما أملك ربما لا نلتقي لا قدر الله
حبيبي آن أوان الرحيل فأعذرني إن لم أستطع مقاومة الدموع ،،،أحبك يا أجمل وأغلى من عرفت في حياتي،،،،،أحبك،،،،
أغلقت الحجرة على نفسي وبكيت. بكيت كأم تفقد كل أبناءها في حرب لا ناقة لها فيها ولاجمل
بكيت بألم حاد وحرقة قاتلة وأضربت عن الأكل في ذلك اليوم
٠٠٠٠٠٠٠ في تلك الليلة نمت مع الفجر وفي النوم حلمت أني ببئر عميقة القرار داكنة الظلام وحيدا لا حول لي ولا قوة ناديت فلا من مجيب بكيت فلم ينفع البكاء وعلى هذا الحلم أفقت مذعورا وقصصت على أمي فقالت لي هذا الحلم المزعج بسبب قلة النوم ولكن لا بأس ياولدي عندما تخرج لشراء الخبز إشتري خبزة إضافية وأمنحها لأول سائل في طريقك للتطير ،،،،،
٠٠٠٠٠٠وقبل أن أخرج لشراء الخبز سمعت صوت منبه بالباب الخارجي فأسرعت أستطلع الخبر وتبعتني أمي فوجدنا السيد رئيس مركز المدينة قائلا البقاء لله لقد مات السيد المدير وأفراد عائلته بحادث مرور في الطريق للعاصمة ،،،،
وجذب عباس منديلا من جيبه قائلا أرأيت هذا إنه هي هي حبيبتي،،،،،،،،
٠٠٠٠٠ تحيات٠٠ الشاعر و الكاتب ٠٠ الصادق القاهري ٠٠٠٠٠٠
*** بولعابة القصرين في 23 3 2019 تونس ***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق